للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْمَعْنَى: أَنَّ رِجَالًا مِنَ الْإِنْسِ ظَنُّوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَبْعَثُ أَحَدًا، أَوْ وَأَنَّا آمَنَّا بِأَنَّهُمْ ظَنُّوا

كَمَا ظَنَنْتُمْ إِلَخْ، أَيْ آمَنَّا بِأَنَّهُمْ أَخْطَأُوا فِي ظَنِّهِمْ.

وَالتَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) الْمَكْسُورَةِ أَوِ الْمَفْتُوحَةِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ لِغَايَتِهِ. وَالْبَعْثُ يَحْتَمِلُ بَعْثَ الرُّسُلِ وَيَحْتَمِلُ بَعْثَ الْأَمْوَاتِ لِلْحَشْرِ، أَيْ حَصَلَ لَهُمْ مِثْلَمَا حَصَلَ لَكُمْ من إِنْكَار الْحَشْر وَمن إِنْكَارِ إِرْسَالِ الرُّسُلِ.

وَالْإِخْبَارُ عَنْ هَذَا فِيهِ تَعْرِيضٌ بِالْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ فَسَادَ اعْتِقَادِهِمْ تَجَاوَزَ عَالَمَ الْإِنْسِ إِلَى عَالَمِ الْجِنِّ.

وَجُمْلَةُ كَما ظَنَنْتُمْ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ ظَنُّوا وَمَعْمُولِهِ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ يَقُولُ الْجِنُّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ يُشَبِّهُونَ كُفَّارَهُمْ بِكُفَّارِ الْإِنْسِ.

وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى الْمُخَاطَبِ بِهِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِي أَمَرَ رَسُولَهُ بِأَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ، وَهَذَا الْوَجْهُ يَتَعَيَّنُ إِذَا جَعَلْنَا الْقَوْلَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا [الْجِنّ:

١] عِبَارَةً عَمَّا جَالَ فِي نُفُوسِهِمْ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ هُنَالِكَ.

وأَنْ مِنْ قَوْلِهِ: أَنْ لَنْ يَبْعَثَ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ وَاسْمُهَا ضَمِيرُ شَأْنٍ مَحْذُوفٍ.

وَجُمْلَةُ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً خَبَرُهُ. وَالتَّعْبِيرُ بِحَرْفِ تَأْبِيدِ النَّفْيِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّهُمْ كَانُوا غَيْرَ مُتَرَدِّدِينَ فِي إِحَالَةِ وُقُوع الْبَعْث.

[٨- ٩]

[سُورَة الْجِنّ (٧٢) : الْآيَات ٨ إِلَى ٩]

وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩)

قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَوَافَقَهُمْ أَبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَخَلَفٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِهِ عَلَى الْمَجْرُورِ بِالْبَاءِ هُوَ قَوْلُهُ: فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً وَالتَّأْكِيدُ بِ (إِنَّ) فِي قَوْلِهِمْ: وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ لِغَرَابَةِ الْخَبَرِ بِاعْتِبَارِ مَا يَلِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ إِلَخْ.