[سُورَة السجده (٣٢) : الْآيَات ١٨ إِلَى ٢٠]
أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لَا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)
فُرِّعَ بِالْفَاءِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْآيَاتِ مِنَ الْوَعْدِ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْوَعِيدِ لِلْكَافِرِينَ اسْتِفْهَامٌ بِالْهَمْزَةِ مُسْتَعْمَلٌ فِي إِنْكَارِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ، وَهُوَ إِنْكَارٌ بِتَنْزِيلِ السَّامِعِ مَنْزِلَةَ الْمُتَعَجِّبِ مِنَ الْبَوْنِ بَيْنَ جَزَاءِ الْفَرِيقَيْنِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَكَانَ الْإِنْكَارُ مُوَجَّهًا إِلَى ذَلِكَ التَّعَجُّبِ فِي مَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ. وَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ فِي الْجَزَاءِ.
وَجُمْلَةُ لَا يَسْتَوُونَ عَطْفُ بَيَانٍ لِلْمَقْصُودِ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ.
وَالْفَاسِقُ هُنَا هُوَ: مَنْ لَيْسَ بِمُؤْمِنٍ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ. فَالْمُرَادُ: الْفِسْقُ عَنِ الْإِيمَانِ الَّذِي هُوَ الشِّرْكُ وَهُوَ إِطْلَاقٌ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. ثُمَّ أَكَّدَ كِلَا الْجَزَاءَيْنِ بِذِكْرٍ مُرَادِفٍ لِمَدْلُولِهِ مَعَ زِيَادَةِ فَائِدَةٍ، فَجُمْلَةُ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى إِلَى آخِرِهَا مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ [السَّجْدَة: ١٧] إِلَى آخِرِهَا.
وَجُمْلَةُ فَمَأْواهُمُ النَّارُ إِلَى آخِرِهَا مُؤَكِّدَةٌ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِلَى بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [السَّجْدَة: ١٤] .
وَمن الْمَوْصُولَةُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَامَّةٌ بِقَرِينَةِ التَّفْصِيلِ بِالْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا إِلْخَ. وأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا. فَلَيْسَتِ الْآيَةُ نَازِلَةً فِي مُعَيَّنٍ كَمَا قِيلَ.
والْمَأْوى: الْمَكَانُ الَّذِي يُؤْوَى إِلَيْهِ، أَيْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ.
وَالتَّعْرِيفُ بِاللَّامِ فِيهِ لِلْعَهْدِ، أَيْ مَأْوَى الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ تَعَالَى: عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى [النَّجْم: ١٥] . وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ اللَّامَ عِوَضًا عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ مَأْوَاهُمْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute