فَلَعَلَّ الْبَيْتَ مِمَّا نُحِلَ مِنَ الشِّعْرِ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّعَرَاءِ. قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي كِتَابِ «الشِّعْرِ وَالشُّعَرَاءِ» «وَعُلَمَاؤُنَا لَا يَرَوْنَ شِعْرَ أُمَيَّةَ حُجَّةً عَلَى الْكِتَابِ» .
وَاللَّامُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَامُ التَّقْوِيَةِ لِضَعْفِ الْعَامِلِ بِالْفَرْعِيَّةِ وَبِالتَّأْخِيرِ عَنْ مَعْمُولِهِ.
وَقَالَ أَبُو مُسْلِمٍ وَالرَّاغِبُ: اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ وَجَعَلَا الزَّكَاةَ تَزْكِيَةَ النَّفْسِ. وَمَعْنَى فاعِلُونَ فَاعِلُونَ الْأَفْعَالَ الصَّالِحَاتِ فَحُذِفَ مَعْمُولُ فاعِلُونَ بِدَلَالَةِ عِلَّتِهِ عَلَيْهِ.
وَفِي «الْكَشَّافِ» أَنَّ الزَّكَاةَ هُنَا مَصْدَرٌ وَهُوَ فِعْلُ الْمُزَكِّي، أَيْ إِعْطَاءُ الزَّكَاةِ وَهُوَ الَّذِي
يَحْسُنُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِ فاعِلُونَ لِأَنَّهُ مَا مِنْ مَصْدَرٍ إِلَّا وَيُعَبِّرُ عَنْ مَعْنَاهُ بِمَادَّةِ فَعَلَ فَيُقَالُ لِلضَّارِبِ: فَاعِلُ الضَّرْبِ، وَلِلْقَاتِلِ: فَاعِلُ الْقَتْلِ. وَإِنَّمَا حَاوَلَ بِذَلِكَ إِقَامَةَ تَفْسِيرِ الْآيَةِ فَغَلَبَ جَانِبُ الصِّنَاعَةِ اللَّفْظِيَّةِ عَلَى جَانِبِ الْمَعْنَى وَجَوَّزَ الْوَجْهَ الْآخَرَ عَلَى شَرْطِ تَقْدِيرِ مُضَافٍ، وَكِلَا الِاعْتِبَارَيْنِ غَيْرُ مُلْتَزَمٍ.
وَعَقَّبَ ذِكْرَ الصَّلَاةِ بِذِكْرِ الزَّكَاةِ لِكَثْرَةِ التَّآخِي بَيْنَهُمَا فِي آيَاتِ الْقُرْآنِ، وَإِنَّمَا فَصَلَ بَيْنَهُمَا هُنَا بِالْإِعْرَاضِ عَنِ اللَّغْوِ لِلْمُنَاسَبَةِ الَّتِي سَمِعْتَ آنِفًا.
وَهَذَا مِنْ آدَابِ الْمُعَامَلَةِ مَعَ طَبَقَةِ أَهْلِ الْخَصَاصَةِ وَهِيَ تَرْجِعُ إِلَى آدَابِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ. وَالْقَوْلُ فِي إِعَادَةِ الْمَوْصُولِ وَتَقْدِيمِ الْمَعْمُولِ كَمَا تقدم آنِفا.
[٥- ٧]
[سُورَة الْمُؤْمِنُونَ (٢٣) : الْآيَات ٥ إِلَى ٧]
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٧)
الْحِفْظُ: الصِّيَانَةُ وَالْإِمْسَاكُ. وَحِفْظُ الْفَرْجِ مَعْلُومٌ، أَيْ عَنِ الْوَطْءِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي قَوْلِهِ: إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ إِلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عُمُومِ مُتَعَلِّقَاتِ الْحِفْظِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا حَرْفُ عَلى، أَيْ حَافِظُونَهَا عَلَى كُلِّ مَا يُحْفَظُ عَلَيْهِ إِلَّا الْمُتَعَلَّقَ الَّذِي هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute