للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهَذَا الْمَعْنَى كِنَايَةُ تَلْوِيحٍ عَنْ خُلُوصِ مَحَبَّتِهِ لَهُمْ دُونَ مُشَارِكٍ.

وَعَطَفَ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ أَيْ مِنْ بَعْدِ يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى يَخْلُ لِيَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ الْجَوَابِ لِلْأَمْرِ. فَالْمُرَاد كَون ناشيء عَنْ فِعْلِ الْمَأْمُورِ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الصَّلَاحِ فِيهِ الصَّلَاحَ الدُّنْيَوِيَّ، أَيْ صَلَاحَ الْأَحْوَالِ فِي عَيْشِهِمْ مَعَ أَبِيهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الصَّلَاحَ الدِّينِيَّ.

وَإِنَّمَا لَمْ يُدَبِّرُوا شَيْئًا فِي إِعْدَامِ أَخِي يُوسُفَ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- شَفَقَةً عَلَيْهِ لِصِغَرِهِ.

وَإِقْحَامُ لَفْظِ قَوْماً بَيْنَ كَانَ وَخَبَرِهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ صَلَاحَ الْحَالِ صِفَةٌ مُتَمَكِّنَةٌ فِيهِمْ كَأَنَّهُ مِنْ مُقَوِّمَاتِ قَوْمِيَّتِهِمْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٦٤] وَعِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَما تُغْنِي الْآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ فِي سُورَةِ يُونُسَ [١٠١] .

وَهَذَا الْأَمْرُ صَدَرَ مِنْ قَائِلِهِ وَسَامِعِيهِ مِنْهُمْ قبل اتّصافهم بالنبوءة أَوْ بِالْوِلَايَةِ لِأَنَّ فِيهِ ارْتِكَابَ كَبِيرَةِ الْقَتْلِ أَوِ التَّعْذِيبِ وَالِاعْتِدَاءِ، وكبيرة العقوق.

[١٠]

[سُورَة يُوسُف (١٢) : آيَة ١٠]

قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠)

فَصْلُ جُمْلَةِ قالَ قائِلٌ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُقَاوَلَاتِ وَالْمُحَاوَرَاتِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٣٠] .

وَهَذَا الْقَائِلُ أَحَدُ الْإِخْوَةِ وَلِذَلِكَ وُصِفَ بِأَنَّهُ مِنْهُمْ.

وَالْعُدُولُ عَنِ اسْمِهِ الْعَلْمِ إِلَى التَّنْكِيرِ وَالْوَصْفِيَّةِ لِعَدَمِ الْجَدْوَى فِي مَعْرِفَةِ شَخْصِهِ وَإِنَّمَا الْمُهِمُّ أَنَّهُ مِنْ جَمَاعَتِهِمْ. وَتَجَنُّبًا لِمَا فِي اسْمِهِ الْعَلَمِ مِنَ الثِّقَلِ