للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة، و (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ.

وَاتَّخَذُوا عَطْفٌ عَلَى كَفَرُوا فَهُوَ مِنْ صِلَةِ (مَا) الْمَصْدَرِيَّةِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَبِمَا اتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُؤًا، أَيْ بِاتِّخَاذِهِمْ ذَلِكَ كَذَلِكَ.

وَالرُّسُلُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ حَقِيقَةُ الْجَمْعِ فَيَكُونَ إِخْبَارًا عَنْ حَالِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ وَمَنْ سَبَقَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبِينَ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الرَّسُولُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَى النَّاسِ كُلِّهِمْ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجَمْعِ تَعْظِيمًا كَمَا فِي قَوْلِهِ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ [إِبْرَاهِيم: ٤٤] .

وَالْهُزُؤُ- بِضَمَّتَيْنِ- مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْمَفْعُولِ. وَهُوَ أَشَدُّ مُبَالَغَةً مِنَ الْوَصْفِ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ، أَيْ كَانُوا كَثِيرِي الهزؤ بهم.

[١٠٧، ١٠٨]

[سُورَة الْكَهْف (١٨) : الْآيَات ١٠٧ إِلَى ١٠٨]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (١٠٧) خالِدِينَ فِيها لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (١٠٨)

هَذَا مُقَابِلُ قَوْلِهِ: إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي ذِكْرِ الْبِشَارَةِ بَعْدَ الْإِنْذَارِ.

وَتَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا لِأَنَّهَا جَاءَتْ فِي مُقَابَلَةِ جُمْلَةِ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا، وَهِيَ مُؤَكَّدَةٌ كَيْ لَا يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ جَزَاءَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ مُهْتَمٍّ بِتَأْكِيدِهِ مَعَ مَا فِي التَّأْكِيدَيْنِ مِنْ تَقْوِيَةِ الْإِنْذَارِ وَتَقْوِيَةِ الْبِشَارَةِ.

وَجَعْلُ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الْمَوْصُولَ بِصِلَةِ الْإِيمَانِ وَعَمَلِ الصَّالِحَاتِ لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِ أَعْمَالِهِمْ، فَلِذَلِكَ خُولِفَ نَظْمُ الْجُمْلَةِ الَّتِي تُقَابِلُهَا فَلَمْ