فَعَلُوهُ يَعُودُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ، أَيْ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَعَصَمَهُمْ مِنْ تَزْيِينِ شُرَكَائِهِمْ، أَوْ يَعُودُ إِلَى الشُّرَكَاءِ، أَيْ: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَصَدَّهُمْ عَنْ إِغْوَاءِ أَتْبَاعِهِمْ، وَضَمِيرُ النَّصْبِ يَعُودُ إِلَى الْقَتْلِ أَوْ إِلَى التَّزْيِينِ عَلَى التَّوْزِيعِ، عَلَى الْوَجْهَيْنِ فِي ضَمِيرِ الرّفع.
وَالْمرَاد: ب مَا يَفْتَرُونَ مَا يَفْتَرُونَهُ عَلَى اللَّهِ بِنِسْبَةِ أَنَّهُ أَمَرَهُمْ بِمَا اقْتَرَفُوهُ، وَكَانَ افْتِرَاؤُهُمُ اتِّبَاعًا لِافْتِرَاءِ شُرَكَائِهِمْ، فَسَمَّاهُ افْتِرَاءً لِأَنَّهُمْ تَقَلَّدُوهُ عَنْ غَيْرِ نَظَرٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ، فَكَأَنَّهُمْ شَارَكُوا الَّذِينَ افْتَرَوْهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ، أَوْ سَدَنَةِ الْأَصْنَامِ، وَقَادَةِ دِينِ الشِّرْكِ، وَقَدْ كَانُوا يُمَوِّهُونَ عَلَى النَّاسِ أَنَّ هَذَا مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الْآيَةِ بَعْدَ هَذِهِ:
افْتِراءً عَلَيْهِ [الْأَنْعَام: ١٣٨] وَقَوْلُهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ: قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا [الْأَنْعَام: ١٥٠] .
[١٣٨]
[سُورَة الْأَنْعَام (٦) : آيَة ١٣٨]
وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لَا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لَا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣٨)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ [الْأَنْعَام: ١٣٧] وَهَذَا ضَرْبٌ آخَرُ مِنْ دِينِهِمُ الْبَاطِلِ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى تَحْجِيرِ التَّصَرُّفِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فِي بَعْضِ أَمْوَالِهِمْ، وَتَعْيِينِ مَصَارِفِهِ، وَفِي هَذَا الْعَطْفِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مَا قَالُوهُ هُوَ مِنْ تَلْقِينِ شُرَكَائِهِمْ وَسَدَنَةِ أَصْنَامِهِمْ كَمَا قُلْنَا فِي مَعْنَى زَيَّنَ لَهُمْ شُرَكَاؤُهُمْ.
وَالْإِشَارَةُ بِهَذِهِ وَهَذِهِ إِلَى حَاضِرٍ فِي ذِهْنِ الْمُتَكَلِّمِينَ عِنْدَ صُدُورِ ذَلِكَ الْقَوْلِ: وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أحدهم هَذِه الْأَصْنَاف مَصْرِفُهَا كَذَا، وَهَذِهِ مَصْرِفُهَا كَذَا، فَالْإِشَارَةُ مِنْ مَحْكِيِّ
قَوْلِهِمْ حِينَ يُشَرِّعُونَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute