مِنَ الْبَعْثَةِ وَأَسَانِيدُ جَمِيعِهَا مُتَفَاوِتَةٌ. وَأَقْوَاهَا مَا رُوِيَ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْهَا، وَسَنُبَيِّنُ ذَلِكَ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فِي مَوَاضِعِهَا.
وَهَذِهِ السُّورَةُ مَعْدُودَةٌ الْخَامِسَةَ وَالسِتِّينَ فِي عِدَادِ نُزُولِ السُّوَرِ، نَزَلَتْ بَعْدَ الْجَاثِيَةِ وَقَبْلَ الذَّارِيَاتِ. وَعُدَّتْ آيُهَا عِنْدَ جُمْهُورِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ، وَعَدَّهَا أَهْلُ الْكُوفَةِ
خَمْسًا وَثَلَاثِينَ وَالِاخْتِلَافُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حم تُعْتَبَرُ آيَةً مُسْتَقِلَّةً أَوْ لَا.
أَغْرَاضُهَا
وَمن الْأَغْرَاضِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا أَنَّهَا افْتُتِحَتْ مِثْلَ سُورَةِ الْجَاثِيَةِ بِمَا يُشِيرُ إِلَى إِعْجَازِ الْقُرْآنِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. وَالِاسْتِدْلَالُ بِإِتْقَانِ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَلَى التَّفَرُّدِ بِالْإِلَهِيَّةِ، وَعَلَى إِثْبَاتِ جَزَاءِ الْأَعْمَالِ. وَالْإِشَارَةُ إِلَى وُقُوعِ الْجَزَاءِ بَعْدَ الْبَعْثِ وَأَنَّ هَذَا الْعَالَمَ صَائِرٌ إِلَى فَنَاءٍ. وَإِبْطَالُ الشُّرَكَاءِ فِي الْإِلَهِيَّةِ. وَالتَّدْلِيلُ عَلَى خُلُّوِهِمْ عَنْ صِفَاتِ الْإِلَهِيَّةِ. وَإِبْطَالُ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مِنْ صُنْعِ غَيْرِ اللَّهِ. وَإِثْبَاتُ رِسَالَة مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِشْهَادُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى صِدْقِ رِسَالَتِهِ وَاسْتِشْهَادُ شَاهِدِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ. وَالثَّنَاءُ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقُرْآنِ وَذِكْرُ بَعْضَ خِصَالِهِمُ الْحَمِيدَةِ وَمَا يُضَادُّهَا مِنْ خِصَالِ أَهْلِ الْكُفْرِ وَحَسَدِهِمُ الَّذِي بَعَثَهُمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ. وَذَكَرَتْ مُعْجِزَةَ إِيمَانِ الْجِنِّ بِالْقُرْآنِ.
وَخُتِمَتِ السُّورَةُ بتثبيت الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأُقْحِمَ فِي ذَلِكَ مُعَامَلَةُ الْوَالِدَيْنِ وَالذُّرِّيَّةِ مِمَّا هُوَ مِنْ خُلُقِ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا هُوَ مِنْ خُلُقِ أَهْلِ الضَّلَالَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute