للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جَمِيعِ الْمَحَامِدِ مِمَّا تَضَمَّنَهُ اسْمُ الْجَلَالَةِ فِي أَصْلِ مَعْنَاهُ قَبْلَ نَقْلِهِ إِلَى الْعَلَمِيَّةِ.

وَالْمَجْرُورُ يَتَنَازَعُهُ كِلَا الْفِعْلَيْنِ. وَوَجْهُ تَقْيِيدِ التَّنْزِيهِ وَالتَّرْفِيعِ بِ (مَا يُشْرِكُونَ) أَنه لم يجترىء أَحَدٌ أَنْ يَصِفَ اللَّهَ تَعَالَى بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَيَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ إِلَّا أَهْلُ الشِّرْكِ بِزَعْمِهِمْ أَنَّ مَا نَسَبُوهُ إِلَى اللَّهِ إِنَّمَا هُوَ كَمَالٌ مِثْلَ اتِّخَاذِ الْوَلَدِ أَوْ هُوَ مِمَّا أَنْبَأَهُمُ اللَّهُ بِهِ، وإِذا فَعَلُوا فاحِشَةً قالُوا وَجَدْنا عَلَيْها آباءَنا وَاللَّهُ أَمَرَنا بِها [الْأَعْرَاف: ٢٨] . وَزَعَمُوا أَنَّ الْآلِهَةَ شُفَعَاؤُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ. وَقَالُوا فِي التَّلْبِيَةِ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ. وَأَمَّا مَا عَدَا ذَلِكَ فَهُمْ مُعْتَرِفُونَ بِالْكَمَالِ لِلَّهِ، قَالَ تَعَالَى وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لُقْمَان: ٢٥] . وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَن إشراكهم.

[٦٩]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : آيَة ٦٩]

وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩)

عَطْفٌ عَلَى وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ [الْقَصَص: ٦٨] أَيْ هُوَ خَالِقُهُمْ وَمُرَكِّبُهُمْ عَلَى النِّظَامِ الَّذِي تَصْدُرُ عَنْهُ الْأَفْعَالُ وَالِاعْتِقَادَاتُ فَيَكُونُونَ مُسْتَعِدِّينَ لِقَبُولِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَتَغْلِيبِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ اعْتِقَادًا وَعَمَلًا، وَهُوَ يَعْلَمُ مَا تُخْفِيهِ صُدُورُهُمْ، أَيْ نُفُوسُهُمْ

وَمَا يُعْلِنُونَهُ مِنْ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. فَضَمِيرُ صُدُورُهُمْ عَائِدٌ إِلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ [الْقَصَص: ٦٨] بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا، أَيْ مَا تُكِنُّ صُدُورُ الْمَخْلُوقَاتِ وَمَا يُعْلِنُونَ. وَحَيْثُ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِمْ ضَمَائِرُ الْعُقَلَاءِ فَقَدْ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْبَشَرُ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَهُمُ الْمَقْصُودُ مِنَ الْعُمُومِ فِي مَا يَشاءُ [الْقَصَص: ٦٨] فَبِحَسَبِ مَا يَعْلَمُ مِنْهُمْ يَخْتَارُهُمْ وَيُجَازِيهِمْ فَحَصَلَ بِهَذَا إِيمَاءٌ إِلَى عِلَّةِ الِاخْتِيَارِ وَإِلَى الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. وَهَذَا مُنْتَهَى الْإِيجَازِ.

وَفِي إِحْضَارِ الْجَلَالَةِ بِعُنْوَانِ وَرَبُّكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ مِمَّا تُكِنُّهُ صُدُورُهُمْ بُغْضُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَتَقَدَّمَ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ آخر النَّمْل [٧٤] .

[٧٠]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : آيَة ٧٠]

وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشاءُ وَيَخْتارُ [الْقَصَص: ٦٨] الْآيَةَ. وَالْمَقْصُودُ هُوَ قَوْلُهُ