للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَوَصْفُ الْفَاسِقِينَ لَهُ رَشِيقُ الْمَوْقِعِ، لِأَنَّ مَادَّةَ الْفِسْقِ تَدُلُّ عَلَى الْخُرُوجِ مِنَ الْمَكَانِ مِنْ منفذ ضيق.

[٥٦]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٥٦]

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦)

عَطَفَ عَلَى جُمْلَةِ: يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً [النُّور: ٥٥] لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْأَمْرِ بِتَرْكِ الشِّرْكِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: اعْبُدُونِي وَلَا تُشْرِكُوا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ، لِأَنَّ الْخَبَرَ إِذَا كَانَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى الْأَمْرِ كَانَ فِي قُوَّةِ فِعْلِ الْأَمْرِ حَتَّى إِنَّهُ قَدْ يُجْزَمُ جَوَابُهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى قَوْلِهِ: يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [الصفّ: ١١- ١٢] بِجَزْمِ يَغْفِرْ لِأَنَّ قَوْلَهُ: تُؤْمِنُونَ فِي قُوَّةِ أَنْ يَقُولَ: آمِنُوا بِاللَّهِ.

وَالْخِطَابُ مُوَجَّهٌ لِلَّذِينِ آمَنُوا خَاصَّةً بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوَجَّهًا لِأُمَّةِ الدَّعْوَةِ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ تَعَالَى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ [يُوسُف: ٢٩] ، فَالطَّاعَةُ الْمَأْمُورُ بِهَا هُنَا غَيْرُ الطَّاعَةِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا [النُّور: ٥٤] إِلَخْ لِأَنَّ تِلْكَ دَعْوَةٌ لِلْمُعْرِضِينَ وَهَذِهِ ازْدِيَادٌ لِلْمُؤْمِنِينَ.

وَقَدْ جَمَعَتْ هَذِهِ الْآيَةُ جَمِيعَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَاتِ فَأَهَمُّهَا بِالتَّصْرِيحِ وَسَائِرُهَا بِعُمُومِ حَذْفِ الْمُتَعَلِّقِ بِقَوْلِهِ: وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ أَيْ فِي كُلِّ مَا يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ.

وَرُتِّبَ عَلَى ذَلِكَ رَجَاءُ حُصُولِ الرَّحْمَةِ لَهُمْ، أَيْ فِي الدُّنْيَا بِتَحْقِيقِ الْوَعْدِ الَّذِي مِنْ

رَحْمَتِهِ الْأَمْنُ وَفِي الْآخِرَةِ بِالدَّرَجَاتِ الْعُلَى. وَالْكَلَامُ عَلَى (لَعَلَّ) تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ فِي سُورَة الْبَقَرَة.

[٥٧]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٥٧]

لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ