للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّانِي: تَجِبُ كَفَّارَةُ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ. وَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَبِهِ قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ. وَهَذَا جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ.

الثَّالِثُ: لَا يَلْزَمُهُ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَقِيلَ: إِنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا كَانَ التَّحْرِيمُ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا يَنْوِ فِيمَا أَرَادَ وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَالْحَكَمِ وَمَالِكٍ فِي الْمَشْهُورِ.

وَقِيلَ هِيَ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَمْ يَدْخُلْ. وَنُسِبَ إِلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي ليلى وَهُوَ عِنْد عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجْشُونِ فِي «الْمَبْسُوطِ» .

وَقِيلَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ. وَنُسِبَ إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَحَمَّادِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَنَسَبَهُ ابْنُ خُوَيْزَ مَنْدَادَ إِلَى مَالِكٍ وَهُوَ غَيْرُ الْمَشْهُورِ عَنْهُ. وَقِيلَ: طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ فِي الزَّوْجَةِ مُطْلَقًا، وَنُسِبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَيَكُونُ قَيْدًا لِمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي. وَقَالَهُ الزُّهْرِيُّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ وَابْنُ الْمَاجْشُونِ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ يَعْنِي فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: إِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَعَلَيْهِ مَا نَوَى مِنْ أَعْدَادِهِ وَإِلَّا فَهِيَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ. وَقِيلَ: هِيَ ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَوَاحِدَةٌ فِي الَّتِي لَمْ يُدْخَلْ بِهَا دُونَ تَنْوِيَةٍ.

الرَّابِعُ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ إِنْ نَوَى بِالْحَرَامِ الظِّهَارَ كَانَ مَا نَوَى فَإِنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى الثَّلَاثَ. وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَانَتْ يَمِينًا وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ فَإِنْ أَبَاهَا كَانَ مُولِّيًا.

وَتَحْرِيم النبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُرِّيَّتَهُ مَارِيَةَ عَلَى نَفْسِهِ هُوَ أَيْضًا مِنْ قَبِيلِ تَحْرِيمِ أَحَدٍ شَيْئًا مِمَّا أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ غَيْرَ الزَّوْجَةِ لِأَنَّ مَارِيَةَ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لَهُ بَلْ هِيَ مَمْلُوكَتُهُ فَحُكْمُ قَوْلِهِ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ جَارٍ فِي قَضِيَّةِ تَحْرِيمِ مَارِيَةَ بِيَمِينٍ أَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ بِلَا فَرْقٍ. وتَحِلَّةَ تَفْعِلَةٌ مِنْ حَلَّلَ جَعَلَ الْفِعْلَ حَلَالًا. وَأَصْلُهُ تَحِلْلَةَ فَأُدْغِمَ اللَّامَانِ وَهُوَ مَصْدَرٌ سَمَاعِيٌّ لِأَنَّ الْهَاءَ فِي آخِرِهِ لَيْسَتْ بِقِيَاسٍ إِذْ لَمْ يُحْذَفْ مِنْهُ حَرْفٌ حَتَّى يُعَوَّضَ عَنْهُ الْهَاءُ مِثْلَ تَزْكِيَةٍ وَلَكِنَّهُ كَثِيرٌ فِي الْكَلَامِ مثل تعلة.

[٣]

[سُورَة التَّحْرِيم (٦٦) : آيَة ٣]

وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ