للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ مُسْتَأْنَفَةٌ، إِمَّا لِتَحْقِيقِ أَنَّ ذَلِكَ وَاقِعٌ كَقَوْلِهِ: إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ [سُورَة الذاريات: ٥، ٦] ، وَإِمَّا اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ.

وَأُخِّرَتْ إِلَى آخَرِ الْكَلَامِ لِتَقْدِيمِ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ إِذَا قُدِّرَ مَعْمُولًا لَهَا كَمَا ذَكرْنَاهُ آنِفا.

[٥٢]

[سُورَة إِبْرَاهِيم (١٤) : آيَة ٥٢]

هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ (٥٢)

الْإِشَارَةُ إِلَى الْكَلَامِ السَّابِقِ فِي السُّورَةِ كُلِّهَا مِنْ أَيْنَ ابْتَدَأْتَهُ أَصَبْتَ مُرَادَ الْإِشَارَةِ، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ لِلسُّورَةِ كُلِّهَا.

وَالْبَلَاغُ اسْمُ مَصْدَرِ التَّبْلِيغِ، أَيْ هَذَا الْمِقْدَارُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ تَبْلِيغٌ لِلنَّاسِ كُلِّهِمْ.

وَاللَّامُ فِي لِلنَّاسِ هِيَ الْمَعْرُوفَةُ بِلَامِ التَّبْلِيغِ، وَهِيَ الَّتِي تَدْخُلُ عَلَى اسْمِ مَنْ يَسْمَعُ قَوْلًا أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ.

وَعَطْفُ وَلِيُنْذَرُوا عَلَى بَلاغٌ عَطْفٌ عَلَى كَلَامٍ مُقَدَّرٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ لَفَظُ بَلاغٌ، إِذْ لَيْسَ فِي الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ مَا يَصْلُحُ لِأَنْ يُعْطَفُ هَذَا عَلَيْهِ فَإِنَّ وُجُودَ لَامِ الْجَرِّ مَعَ وُجُودِ وَاوِ الْعَطْفِ مَانِعٌ مِنْ جَعْلِهِ عَطْفًا عَلَى الْخَبَرِ، لِأَنَّ الْمَجْرُورَ إِذا وَقع خبر عَنِ الْمُبْتَدَأِ اتَّصَلَ بِهِ مُبَاشَرَةً دُونَ عَطْفٍ إِذْ هُوَ بِتَقْدِيرِ كَائِنٍ أَوْ مُسْتَقِرٍّ، وَإِنَّمَا تُعْطَفُ الْأَخْبَارُ إِذَا كَانَتْ أَوْصَافًا.

وَالتَّقْدِيرُ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ لِيَسْتَيْقِظُوا مِنْ غَفْلَتِهِمْ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ.

وَاللَّامُ فِي وَلِيُنْذَرُوا لَامُ كَيْ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْ نَظْمِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٩٢] .