للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا مَا عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ إِلَى قَوْله تَبْدِيلًا [الْأَحْزَاب: ٢٣] . وَافْتَقَدَ الْآيَتَيْنِ مِنْ آخَرِ سُورَةِ بَرَاءَةَ فَوَجَدَهُمَا عِنْدَ أَبِي خُزَيْمَةَ بْنِ أَوْسٍ- الْمُشْتَهِرِ بِكُنْيَتِهِ-.

وَبَعْدُ فَخَبَرُ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ خَبَرٌ غَرِيبٌ لَمْ يُؤْثَرْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ فَنُوقِنُ بِأَنَّهُ دَخَلَهُ وَهْمٌ مِنْ بَعْضِ رُوَاتِهِ. وَهُوَ أَيْضًا خَبَرُ آحَادٍ لَا يَنْتَقِضُ بِهِ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الْمِقْدَارِ الْمَوْجُودِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ مُتَوَاتِرًا. وَفِي «الْكَشَّافِ» : وَأَمَّا مَا يُحْكَى أَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْ عَائِشَةَ كَانَتْ مَكْتُوبَةً فِي صَحِيفَةٍ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَأَكَلَتْهَا الدَّاجِنُ، أَيِ الشَّاةُ، فَمِنْ تَأْلِيفَاتِ الْمَلَاحِدَةِ وَالرَّوَافِضِ اهـ.

وَوَضْعُ هَذَا الْخَبَرِ ظَاهِرٌ مَكْشُوفٌ فَإِنَّهُ لَوْ صَدَقَ هَذَا لَكَانَتْ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ قَدْ هَلَكَتْ

فِي زَمَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بَعْدَهُ وَالصَّحَابَةُ مُتَوَافِرُونَ وَحُفَّاظُ الْقُرْآنِ كَثِيرُونَ فَلَوْ تَلِفَتْ هَذِهِ الصَّحِيفَةُ لَمْ يُتْلَفْ مَا فِيهَا مِنْ صُدُورِ الْحُفَّاظِ. وَكَوْنُ الْقُرْآنِ قَدْ تَلَاشَى مِنْهُ كَثِيرٌ هُوَ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الرَّوَافِضِ لِيَطْعَنُوا بِهِ فِي الْخُلَفَاءِ الثَّلَاثَةِ، وَالرَّافِضَةُ يَزْعُمُونَ أَنَّ الْقُرْآنَ مُسْتَوْدَعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ فَهُوَ الَّذِي يَأْتِي بِالْقُرْآنِ وِقْرَ بَعِيرٍ. وَقَدِ اسْتَوْعَبَ قَوْلُهُمْ وَاسْتَوْفَى إِبْطَالَهَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِ «الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ» .

أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

لِكَثِيرٍ مِنْ آيَاتِ هَذِهِ السُّورَةِ أَسْبَابٌ لِنُزُولِهَا، وَأَكْثَرُهَا نَزَلَ لِلرَّدِّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَقْوَالًا قَصَدُوا بِهَا أَذَى النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَأَهَمُّ أَغْرَاضِهَا: الرَّدُّ عَلَيْهِمْ قَوْلَهُمْ لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ بَعْدَ أَنْ طَلَّقَهَا زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ فَقَالُوا: تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ امْرَأَةَ ابْنِهِ وَهُوَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى إِبْطَالَ التَّبَنِّي. وَأَنَّ الْحَقَّ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ لِأَنَّهُ الْخَبِيرُ بِالْأَعْمَالِ وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ الْحَقَّ.