بِعَدَمِ الرُّشْدِ.
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَمْرَ فِرْعَوْنَ سَفَهٌ إِذْ لَا وَاسِطَةَ بَيْنَ الرُّشْدِ وَالسَّفَهِ. وَلَكِنْ عَدَلَ عَنْ وَصْفِ أَمْرِهِ بِالسَّفِيهِ إِلَى نَفْيِ الرُّشْدِ عَنْهُ تَجْهِيلًا لِلَّذِينِ اتَّبَعُوا أَمْرَهُ لِأَنَّ شَأْنَ الْعُقَلَاءِ أَنْ يَتَطَلَّبُوا الِاقْتِدَاءَ بِمَا فِيهِ صَلَاحٌ وَأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا لَيْسَ فِيهِ أَمَارَةٌ عَلَى سَدَادِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِأَنْ يُتَّبَعَ فَمَاذَا غرّهم باتباعه.
[٩٨، ٩٩]
[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ٩٨ إِلَى ٩٩]
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ (٩٨) وَأُتْبِعُوا فِي هذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ (٩٩)
جُمْلَةُ يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ من فِرْعَوْنَ [هود: ٩٧] الْمَذْكُورِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا. وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا.
وَالْإِيرَادُ: جَعْلُ الشَّيْءِ وَارِدًا، أَيْ قَاصِدًا الْمَاءَ، وَالَّذِي يُورِدُهُمْ هُوَ الْفَارِطُ، وَيُقَالُ لَهُ: الْفَرْطُ.
وَالْوِرْدُ- بِكَسْرِ الْوَاوِ-: الْمَاءُ الْمَوْرُودُ، وَهُوَ فِعْلٌ بِمَعْنَى مفعول، مثل دبح. وَفِي قَوْلِهِ: فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ اسْتِعَارَةُ الْإِيرَادِ إِلَى التَّقَدُّمِ بِالنَّاسِ إِلَى الْعَذَابِ، وَهِيَ تَهَكُّمِيَّةٌ لِأَنَّ الْإِيرَادَ يَكُونُ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِالسَّقْيِ وَأَمَّا التَّقَدُّمُ بِقَوْمِهِ إِلَى النَّارِ فَهُوَ ضِدُّ ذَلِكَ.
ويَقْدُمُ مُضَارِعُ قَدَمَ- بِفَتْحِ الدَّالِ- بِمَعْنَى تَقَدَّمَ الْمُتَعَدِّي إِذَا كَانَ مُتَقَدِّمًا غَيْرَهُ.
وَإِنَّمَا جَاءَ فَأَوْرَدَهُمُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لِلتَّنْبِيهِ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ ذَلِكَ الْإِيرَادِ وَإِلَّا
فَقَرِينَةُ قَوْلِهِ: يَوْمَ الْقِيامَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي الْمَاضِي:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute