للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [٥٣] . وَجُمْلَةُ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ تَذْيِيلٌ.

وَتَأْكِيدُهُ بِ إِنَّ لِتَنْزِيلِ السَّامِعِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَشُكُّ فِي وُجُودِ مَنْ يَجْحَدُ لِقَاءَ اللَّهِ بَعْدَ هَذَا الدَّلِيلِ الَّذِي مَضَى بَلْهُ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُونَ بِهِ كَثِيرًا. وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ هُنَا: مُشْرِكُو أَهْلِ مَكَّةَ

وَبَقِيَّةُ مُشْرِكِي الْعَرَبِ الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ وَمَنْ مَاثَلَهُمْ مِنَ الدَّهْرِيِّينَ. وَلَمْ يعبر هُنَا بِأَكْثَرَ النَّاس [العنكبوت: ٦٠] لِأَنَّ الْمُثْبِتِينَ لِلْبَعْثِ كَثِيرُونَ مِثْلَ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالصَّابِئَةِ وَالْمَجُوسِ وَالْقِبْطِ.

[٩]

[سُورَة الرّوم (٣٠) : آيَة ٩]

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٩)

أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [الرّوم: ٨] وَهُوَ مِثْلُ الَّذِي عُطِفَ هُوَ عَلَيْهِ مُتَّصِلٌ بِمَا يَتَضَمَّنُهُ قَوْلُهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الرّوم: ٦] أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ عِلْمِهِمْ تَكْذِيبَهُمُ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الَّذِي أَنْبَأَهُمْ بِالْبَعْثِ، فَلَمَّا سِيقَ إِلَيْهِمْ دَلِيلُ حِكْمَةِ الْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ بِالْحَقِّ أَعْقَبَ بِإِنْذَارِهِمْ مَوْعِظَةً لَهُمْ بِعَوَاقِبِ الْأُمَمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا رُسُلَهُمْ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ عَاقِبَةُ تَكْذِيبِهِمْ رُسُلَ اللَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ الْآيَةَ.

وَالْأَمْرُ بِالسَّيْرِ فِي الْأَرْضِ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [١١] ، وَقَوْلِهِ: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [٢٠] .

وَالِاسْتِفْهَامُ فِي أَوَلَمْ يَسِيرُوا تَقْرِيرِيٌّ. وَجَاءَ التَّقْرِيرُ عَلَى النَّفْيِ لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ [الْأَعْرَاف: ١٤٨] وَقَوله لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ

فِي الْأَنْعَام [١٣٠] ، وَقَوْلِهِ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ فِي آخِرِ الْعَنْكَبُوتِ [٦٨] .

والْأَرْضِ: اسْمٌ لِلْكُرَةِ الَّتِي عَلَيْهَا النَّاسُ.