للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ: إِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَلا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ صِفَةٌ لِ (أَجَلٌ) ، أَيْ

أَجْلٌ مَحْدُودٌ لَا يَقْبَلُ التَّغَيُّرَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظِيرِهَا فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.

وإِذا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُشْرَبَةٌ مَعْنَى الشَّرْطِ، فَلِذَلِكَ اقْتَرَنَتْ جُمْلَةُ عَامِلِهَا بِالْفَاءِ الرَّابِطَةِ لِلْجَوَابِ مُعَامَلَةً لِلْفِعْلِ الْعَامِلِ فِي (إِذَا) مُعَامَلَةَ جَوَاب الشَّرْط.

[٥٠، ٥١]

[سُورَة يُونُس (١٠) : الْآيَات ٥٠ إِلَى ٥١]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً مَاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ (٥٠) أَثُمَّ إِذا مَا وَقَعَ آمَنْتُمْ بِهِ آلْآنَ وَقَدْ كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (٥١)

هَذَا جَوَابٌ ثَانٍ عَنْ قَوْلِهِمْ: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [يُونُس: ٤٨] بِاعْتِبَارِ مَا يَتَضَمَّنُهُ قَوْلُهُمْ مِنَ الْوَعْدِ بِأَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ إِذَا حَقَّ الْوَعْدُ الَّذِي تَوَعَّدَهُمْ بِهِ، كَمَا حُكِيَ عَنْهُمْ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً إِلَى قَوْلِهِ: أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً [الْإِسْرَاء: ٩٠- ٩٢] ، وَهَذَا الْجَوَابُ إِبْدَاءٌ لِخَلَلِ كَلَامِهِمْ وَاضْطِرَابِ اسْتِهْزَائِهِمْ، وَقَعَ هَذَا الْأَمْرُ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ هَذَا الْجَوَابَ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ بِأَنْ يُجِيبَهُمْ بِقَوْلِهِ: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلا نَفْعاً إِلَّا مَا شاءَ اللَّهُ [يُونُس: ٤٩] ، وَهَذَا الْجَوَابُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ التَّسْلِيمِ الْجَدَلِيِّ بَعْدَ أَنْ يُجَابَ الْمُخْطِئُ بِالْإِبْطَالِ. وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ إِنْ قُدِّرَ حُصُولُ مَا سَأَلْتُمْ تَعْيِينَ وَقْتِهِ وَنُزُولَ كِسَفٍ مِنَ السَّمَاءِ بِكُمْ أَوْ نَحْوَهُ مَاذَا يَحْصُلُ مِنْ فَائِدَةٍ لَكُمْ فِي طَلَبِ تَعْجِيلِ حُصُولِهِ إِذْ لَا تَخْلُونَ عَنْ أَنْ تَكُونُوا تَزْعُمُونَ أَنَّكُمْ تُؤْمِنُونَ حِينَئِذٍ فَذَلِكَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْعَذَابَ يُعَاجِلُكُمْ بِالْهَلَاكِ فَلَا يَحْصُلُ إِيمَانُكُمْ. وَهَذَا كَمَا قَالَ بَعْضُ الْوَاعِظِينَ: نَحْنُ نُرِيدُ أَنْ لَا نَمُوتَ حَتَّى نَتُوبَ وَنَحْنُ لَا نَتُوبُ حَتَّى نَمُوتَ.

وَوَقَعَ فِي خِلَالِ هَذَا الْجَوَابِ تَفَنُّنٌ فِي تَخْيِيلِ التَّهْوِيلِ لِهَذَا الْعَذَابِ الْمَوْعُودِ بِقَوْلِهِ:

إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً تَخْيِيلًا يُنَاسِبُ تَحَقُّقَ وُقُوعه فَإِن هاذين الْوَقْتَيْنِ لَا يَخْلُو