وَالْقِسْطَاسُ: بِضَمِّ الْقَافِ وَبِكَسْرِهَا مِنْ أَسْمَاءِ الْعَدْلِ، وَمِنْ أَسْمَاءِ الْمِيزَانِ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ [٣٥] ، حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ هُنَا كَمَا هُنَالِكَ وَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ بِ الْمُسْتَقِيمِ يُرَجِّحُ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِهِ الْمِيزَانُ، وَتَقَدَّمَ تَفْصِيلُ مَا يَرْجِعُ إِلَيْهِ هَذَا التَّشْرِيعُ فِي قِصَّتِهِ فِي الْأَعْرَافِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ: بِالْقِسْطاسِ بِضَمِّ الْقَافِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ وَخَلَفٍ بِكَسْرِ الْقَافِ.
وَبَخْسُ أَشْيَاءِ النَّاسِ: غَبْنُ مَنَافِعِهَا وَذَمُّهَا بِغَيْرِ مَا فِيهَا لِيَضْطَرُّوهُمْ إِلَى بَيْعِهَا بِغَبْنٍ.
وَأَمَّا الْفَسَادُ فَيَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الْمُعَامَلَاتِ الضَّارَّةِ.
وَالْبَخْسُ: النَّقْصُ وَالذَّمُّ. وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٨٢] وَنَظِيرُهُ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُ بَقِيَّةِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ هُودٍ. وَمِنْ بَخْسِ الْأَشْيَاءِ أَنْ يَقُولُوا لِلَّذِي يَعْرِضُ سِلْعَةً سَلِيمَةً لِلْبَيْعِ: إِنَّ سِلْعَتَكَ رَدِيئَةٌ، لِيَصْرِفَ عَنْهَا الرَّاغِبِينَ فيشتريها برخص.
[١٨٤]
[سُورَة الشُّعَرَاء (٢٦) : آيَة ١٨٤]
وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ (١٨٤)
أَكَّدَ قَوْلَهُ فِي صَدْرِ خِطَابِهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ [الشُّعَرَاء: ١٧٩] بِقَوْلِهِ هُنَا: وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ وَزَادَ فِيهِ دَلِيلَ اسْتِحْقَاقِهِ التَّقْوَى بِأَنَّ اللَّهَ خَلَقَهُمْ وَخَلَقَ الْأُمَمَ مِنْ قَبْلِهِمْ، وَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَدْخَلَ حَرْفَ الْعَطْفِ عَلَى فِعْلِ اتَّقُوا وَلَوْ كَانَ مُجَرَّدَ تَأْكِيدٍ لَمْ يَصِحَّ عَطْفُهُ. وَفِي قَوْلِهِ: الَّذِي خَلَقَكُمْ إِيمَاءٌ إِلَى نَبْذِ اتِّقَاءِ غَيْرِهِ مِنْ شُرَكَائِهِمْ.
والْجِبِلَّةَ: بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ: الْخِلْقَةُ، وَأُرِيدَ بِهِ الْمَخْلُوقَاتُ لِأَنَّ الْجِبِلَّةَ اسْمٌ كَالْمَصْدَرِ وَلِهَذَا وُصِفَ بِ الْأَوَّلِينَ. وَقِيلَ: أَطْلَقَ الْجِبِلَّةَ عَلَى أَهْلِهَا، أَيْ وَذَوِي الْجِبِلَّةِ الْأَوَّلِينَ. وَالْمَعْنَى: الَّذِي خَلَقَكُمْ وَخَلَقَ الْأُمَم قبلكُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute