للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَوْلِهِ تَعَالَى:

وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ فِي سُورَةِ [الْبَقَرَةِ: ٧٨] .

وَجُمْلَةُ إِنَّ اللَّهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ مُعْتَرِضَةٌ. وَالْوَاوُ لِلِاعْتِرَاضِ، وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ. وَقَدْ جُمِعَ لَهُمُ الْوَصْفَانِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فِي سُورَةِ [الرُّومِ: ٥٦] .

وَكَمَا فِي سُورَةِ [سَبَأٍ: ٦] وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ.

فَإِظْهَارُ لَفْظِ الَّذِينَ آمَنُوا فِي مَقَامِ ضَمِيرِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ لِقَصْدِ مَدْحِهِمْ بِوَصْفِ الْإِيمَانِ، وَالْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ إِيمَانَهُمْ هُوَ سَبَبُ هَدْيِهِمْ. وَعَكْسُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي

مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ

[الزمر: ٣] . فَالْمُرَادُ بِالْهُدَى فِي كِلْتَا الْآيَتَيْنِ عِنَايَةُ اللَّهِ بِتَيْسِيرِهِ وَإِلَّا فَإِنَّ اللَّهَ هَدَى الْفَرِيقَيْنِ بِالدَّعْوَةِ وَالْإِرْشَادِ فَمِنْهُمْ مَنِ اهْتَدَى وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ.

وَكُتِبَ فِي الْمُصْحَفِ لَهادِ بِدُونِ يَاءٍ بَعْدَ الدَّالِ وَاعْتِبَارًا بِحَالَةِ الْوَصْلِ عَلَى خِلَافِ الْغَالِبِ. وَفِي الْوَقْفِ يُثْبِتُ يَعْقُوبُ الْيَاءَ بِخِلَاف الْبَقِيَّة.

[٥٥]

[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٥٥]

وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ (٥٥)

لَمَّا حَكَى عَنِ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ أَنَّ مَا يُلْقِيهِ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ إِبْطَالِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ يَكُونُ عَلَيْهِمْ فِتْنَةً. خَصَّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَافِرِينَ بِالْقُرْآنِ بَعْدَ أَنْ عَمَّهُمْ مَعَ جُمْلَةِ الْكَافِرِينَ بِالرُّسُلِ، فَخَصَّهُمْ بِأَنَّهُمْ يَسْتَمِرُّ شَكُّهُمْ فِيمَا جَاءَ بِهِ