وَغَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَا غَابَ عِلْمُهُ عَنِ النَّاسِ مِنْ مَوْجُودَاتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَحْوَالِهِمْ. وَاللَّام فِي لَهُ لِلْمِلْكِ. وَتَقْدِيمُ الْخَبَرِ الْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الِاخْتِصَاصِ، أَيْ لِلَّهِ لَا لِغَيْرِهِ، رَدًّا عَلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ عِلْمَ خَبَرِ أَهْلِ الْكَهْفِ وَنَحْوِهِمْ.
وأَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ صِيغَتَا تَعْجِيبٍ مِنْ عُمُومِ عِلْمِهِ تَعَالَى بِالْمُغَيَّبَاتِ مِنَ الْمَسْمُوعَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ، وَهُوَ الْعِلْمُ الَّذِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهِ أَحَدٌ.
وَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ: مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ يَعُودُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ الْحَدِيثُ مَعَهُمْ. وَهُوَ إِبْطَالٌ لِوَلَايَةِ آلِهَتِهِمْ بِطَرِيقَةِ التَّنْصِيصِ عَلَى عُمُومِ النَّفْيِ بِدُخُولِ (مِنِ) الزَّائِدَةِ عَلَى النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً هُوَ رَدٌّ عَلَى زَعْمِهِمْ بِأَنَّ اللَّهَ اتَّخَذَ آلِهَتَهُمْ شُرَكَاءَ لَهُ فِي مِلْكِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ وَلا يُشْرِكُ بِرَفْعِ يُشْرِكُ وَبِيَاءِ الْغَيْبَةِ. وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ- بِتَاءِ الْخِطَابِ وَجَزْمِ ويُشْرِكُ-
عَلَى أَنَّ (لَا) نَاهِيَةٌ. وَالْخِطَابُ لرَسُول الله صلّى الله عَلَيْهِ وَآله وسلّم مُرَادٌ بِهِ أُمَّتُهُ، أَوِ الْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَتَلَقَّاهُ.
وَهُنَا انْتَهَتْ قِصَّةُ أَصْحَابِ الْكَهْفِ بِمَا تَخَلَّلَهَا، وَقَدْ أَكْثَرَ الْمُفَسِّرُونَ مِنْ رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ الْمَوْضُوعَة فِيهَا.
[٢٧]
[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٢٧]
وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٧)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا [الْكَهْف: ٢٦] بِمَا فِيهَا مِنْ قَوْلِهِ: مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً [الْكَهْف: ٢٦] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute