للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٧٨]

أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٧٨)

اسْتِئْنَافٌ لِأَجْلِ التَّقْرِيرِ. وَالْكَلَامُ تَقْرِيرٌ لِلْمُخَاطَبِ عَنْهُمْ لِأَنَّ كَوْنَهُمْ عَالِمِينَ بِذَلِكَ مَعْرُوفٌ لَدَى كُلِّ سَامِعٍ. وَالسِّرُّ مَا يُخْفِيهِ الْمَرْءُ مِنْ كَلَامٍ وَمَا يُضْمِرُ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ النَّاسُ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٧٤] .

وَالنَّجْوَى: الْمُحَادَثَةُ بِخَفَاءٍ أَيْ يَعْلَمُ مَا يُضْمِرُونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ وَمَا يَتَحَادَثُونَ بِهِ حَدِيثَ سِرٍّ لِئَلَّا يَطَّلِعَ عَلَيْهِ غَيْرُهُمْ.

وَإِنَّمَا عُطِفَتِ النَّجْوَى عَلَى السِّرِّ مَعَ أَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهَا لِيُنْبِئَهُمْ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى مَا يَتَنَاجَوْنَ بِهِ مِنَ الْكَيْدِ وَالطَّعْنِ.

ثُمَّ عَمَّمَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ أَيْ قَوِيٌّ عِلْمُهُ لِجَمِيعِ الْغُيُوبِ.

وَالْغُيُوبُ: جَمْعُ غَيْبٍ وَهُوَ مَا خَفِيَ وَغَابَ عَنِ الْعِيَانِ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فِي سُورَة الْبَقَرَة [٣] .

[٧٩]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٧٩]

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٩)

اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ، نَزَلَتْ بِسَبَبِ حَادِثٍ حَدَثَ فِي مُدَّةِ نُزُولِ السُّورَةِ، ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَثَّ النَّاسَ عَلَى الصَّدَقَةِ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَجَاءَ عَاصِمُ بْنُ عَدِيٍّ بِأَوْسُقٍ كَثِيرَةٍ مِنْ تَمْرٍ، وَجَاءَ أَبُو عَقِيلٍ بِصَاعٍ مِنْ تَمْرٍ، فَقَالَ الْمُنَافِقُونَ: مَا أَعْطَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَعَاصِمٌ إِلَّا رِيَاءً وَأَحَبَّ أَبُو عَقِيلٍ أَنْ يُذَكِّرَ بِنَفْسِهِ لِيُعْطَى مِنَ الصَّدَقَاتِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ هَذِهِ الْآيَةَ.