للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَجُمْلَةُ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ أَيْضًا. وَالطَّرْفُ: تَحَرُّكُ جَفْنِ الْعَيْنِ.

وَمَعْنَى لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ، أَيْ لَا يَعُودُ إِلَى مُعْتَادِهِ، أَيْ لَا يَسْتَطِيعُونَ تَحْوِيلَهُ. فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ هَوْلِ مَا شَاهَدُوهُ بِحَيْثُ يَبْقُونَ نَاظِرِينَ إِلَيْهِ لَا تُطْرَفُ أَعْيُنُهُمْ.

وَقَوْلُهُ: وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ تَشْبِيهٌ بَلِيغٌ، إِذْ هِيَ كَالْهَوَاءِ فِي الْخُلُوِّ مِنَ الْإِدْرَاكِ لِشِدَّةِ الْهَوْلِ.

وَالْهَوَاءُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الْخَلَاءُ. وَلَيْسَ هُوَ الْمَعْنَى الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ فِي عِلْمِ الطِّبِّ وَعِلْمِ الْهَيْئَةِ.

[٤٤، ٥٥]

[سُورَة إِبْرَاهِيم (١٤) : الْآيَات ٤٤ الى ٤٥]

وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ (٤٤) وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ (٤٥)

وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ.

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ [إِبْرَاهِيم: ٤٢] ، أَيْ تَسَلَّ عَنْهُمْ وَلَا تَمْلَلْ مِنْ دَعْوَتِهِمْ وَأَنْذِرْهُمْ.

وَالنَّاسُ يَعُمُّ جَمِيعَ الْبَشَرِ. وَالْمَقْصُودُ: الْكَافِرُونَ، بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ: يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا. وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ النَّاسَ نَاسًا مَعْهُودِينَ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ.

ويَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ. مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِ أَنْذِرِ، وَهُوَ مُضَافٌ إِلَى الْجُمْلَةِ. وَفِعْلُ الْإِنْذَارِ يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ ثَانٍ عَلَى التَّوَسُّعِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى التَّحْذِيرِ، كَمَا

فِي الْحَدِيثِ «مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَ قَوْمَهُ الدَّجَّالَ»

. وَإِتْيَانُ الْعَذَابِ مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى وُقُوعِهِ مَجَازًا مُرْسَلًا.

وَالْعَذَابُ: عَذَابُ الْآخِرَةِ، أَوْ عَذَابُ الدُّنْيَا الَّذِي هُدِّدَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ. والَّذِينَ ظَلَمُوا: الْمُشْرِكُونَ.