للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِ الْحَقُّ تَأْمِينُ الرَّسُولِ مِنِ اخْتِلَافِ أُمَّتِهِ فِي كِتَابِهِ بِإِشَارَةِ قَوْلِهِ:

فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ [هود: ١١٦] الْمُفْهِمِ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ لَيْسُوا بِتِلْكَ

الْمَثَابَةِ، كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ آنِفًا.

وَتَعْرِيفُهُ إِشَارَةٌ إِلَى حق مَعْهُود للنبيء إِمَّا بِأَنْ كَانَ يَتَطَلَّبُهُ، أَوْ يَسْأَلُ رَبَّهُ.

وَالْمَوْعِظَةُ: اسْمُ مَصْدَرِ الْوَعْظِ، وَهُوَ التَّذْكِيرُ بِمَا يَصُدُّ الْمَرْءَ عَنْ عَمَلٍ مُضِرٍّ.

وَالذِّكْرَى: مُجَرَّدُ التَّذْكِيرِ بِمَا يَنْفَعُ. فَهَذِهِ مَوْعِظَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَحْذَرُوا ذَلِكَ وَتَذْكِيرًا لَهُمْ بِأَحْوَالِ الْأُمَمِ لِيَقِيسُوا عَلَيْهَا وَيَتَبَصَّرُوا فِي أَحْوَالِهَا. وَتَنْكِيرُ مَوْعِظَةٌ وَذِكْرى للتعظيم.

[١٢١، ١٢٢]

[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ١٢١ إِلَى ١٢٢]

وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ [هود: ١٢٠] الْآيَةَ، لِأَنَّهَا لَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَى أَنَّ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ ذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ أَمَرَ بِأَنْ يُخَاطِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِمَا فِيهَا خِطَابُ الْآيِسِ مِنِ انْتِفَاعِهِمْ بِالذِّكْرَى الَّذِي لَا يَعْبَأُ بِإِعْرَاضِهِمْ وَلَا يَصُدُّهُ عَنْ دَعْوَتِهِ إِلَى الْحَقِّ تَأَلُّبُهُمْ عَلَى بَاطِلِهِمْ وَمُقَاوَمَتُهُمُ الْحَقَّ. فَلَا جَرَمَ كَانَ قَوْلُهُ: وَقُلْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ عَدِيلًا لِقَوْلِهِ:

وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ [هود: ١٢٠] . وَهَذَا الْقَوْلُ مَأْمُور أَن بقوله عَلَى لِسَانِهِ وَلِسَانِ الْمُؤْمِنِينَ.

وَقَوْلُهُ: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ هُوَ نَظِيرُ مَا حُكِيَ عَنْ شُعَيْبٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- فِي هَذِهِ السُّورَةِ آنِفًا.

وَضَمَائِرُ إِنَّا عامِلُونَ وإِنَّا مُنْتَظِرُونَ للنبيء وَالْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَهُ.