للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النَّحْل: ٦] فِي شَأْنِ خَلْقِ الْأَنْعَامِ فِي سُورَةِ النَّحْلِ.

ثُمَّ يَتَفَاوَتُ النَّاسُ فِي إِدْرَاكِ مَا فِي خَلْقِ الْكَوَاكِبِ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَنِظَامِهَا مِنْ دَلَائِلَ عَلَى مِقْدَارِ تَفَاوُتِ عُلُومِهِمْ وَعُقُولِهِمْ. وَالْآيَةُ صَالِحَةٌ لِإِفْهَامِ جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ.

وَجُمْلَةُ وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَتَيْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها فَهِيَ حَالٌ ثَالِثَةٌ فِي الْمَعْنَى.

وَالْفُرُوجُ: جَمْعُ فَرْجٍ، وَهُوَ الْخَرْقُ، أَيْ يُشَاهِدُونَهَا كَأَنَّهَا كُرَةٌ مُتَّصِلَةُ الْأَجْزَاءِ لَيْسَ بَيْنَ أَجْزَائِهَا تَفَاوُتٌ يَبْدُو كَالْخَرْقِ وَلَا تَبَاعُدٌ يَفْصِلُ بَعْضَهَا عَنْ بَعْضٍ فَيَكُونُ خَرْقًا فِي قُبَّتِهَا.

وَهَذَا مِنْ عَجِيبِ الصُّنْعِ إِذْ يَكُونُ جِسْمٌ عَظِيمٌ كَجِسْمِ كُرَةِ الْهَوَاءِ الْجَوِّيِّ مَصْنُوعًا كَالْمَفْرُوغِ فِي قَالَبٍ. وَهَذَا مُشَاهِدٌ لِجَمِيعِ طَبَقَاتِ النَّاسِ عَلَى تَفَاوُتِ مَدَارِكِهِمْ ثُمَّ هُمْ يَتَفَاوَتُونَ فِي إِدْرَاكِ مَا فِي هَذَا الصُّنْعِ مِنْ عَجَائِبِ الْتِئَامِ كُرَةِ الْجَوِّ الْمُحِيطِ بِالْأَرْضِ.

وَلَوْ كَانَ فِي أَدِيمِ مَا يُسَمَّى بِالسَّمَاءِ تُخَالِفٌ مِنْ أَجْزَائِهِ لَظَهَرَتْ فِيهِ فُرُوجٌ وَانْخِفَاضٌ وَارْتِفَاعٌ. وَنَظِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ فِي سُورَةِ الْمُلْكِ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً إِلَى

قَوْلِهِ هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ [الْملك: ٣] .

[٧]

[سُورَة ق (٥٠) : آيَة ٧]

وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧)

عَطَفَ عَلَى جُمْلَةِ أَفَلَمْ يَنْظُرُوا [ق: ٦] عَطْفَ الْخَبَرِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ الْإِنْكَارِيِّ وَهُوَ فِي مَعْنَى الْإِخْبَارِ. وَالتَّقْدِيرُ: وَمَدَدْنَا الْأَرْضَ.

وَلَمَّا كَانَتْ أَحْوَالُ الْأَرْضِ نُصْبَ أَعْيُنِ النَّاسِ وَهِيَ أَقْرَبُ إِلَيْهِمْ مِنْ أَحْوَالِ السَّمَاءِ