للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١٣- سُورَةُ الرَّعْدِ

هَكَذَا سُمِّيَتْ مِنْ عَهْدِ السَّلَفِ. وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مُسَمَّاةٌ بِذَلِكَ مِنْ عَهْدِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي اسْمِهَا.

وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِإِضَافَتِهَا إِلَى الرَّعْدِ لِوُرُودِ ذِكْرِ الرَّعْدِ فِيهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ [الرَّعْد: ١٣] . فَسُمِّيَتْ بِالرَّعْدِ لِأَنَّ الرَّعْدَ لَمْ يُذْكَرْ فِي سُورَةٍ مِثْلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَإِنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ كُلُّهَا أَوْ مُعْظَمُهَا. وَإِنَّمَا ذُكِرَ الرَّعْدُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَهِيَ نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ وَإِذَا كَانَتْ آيَاتُ هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً إِلَى قَوْلِهِ: وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ [الرَّعْد: ١٢] مِمَّا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، كَمَا سَيَأْتِي تَعَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ نَزَلَ قَبْلَ نُزُولِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ.

وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ فِي قَوْلِ مُجَاهِدٍ وَرِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ. وَعَنْ أَبِي بِشْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ- أَيْ فِي آخِرِ سُورَةِ الرَّعْدِ [٤٣]- أَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ؟ فَقَالَ: كَيْفَ وَهَذِهِ سُورَةٌ مَكِّيَّةٌ، وَعَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَقَتَادَةَ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: أَنَّهَا مَدَنِيَّةٌ، وَهُوَ عَنْ عِكْرِمَةَ وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَعَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَجَمَعَ السُّيُوطِيُّ وَغَيْرُهُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ بِأَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَاتٍ مِنْهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ يَعْنِي قَوْلَهُ: هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً- إِلَى قَوْلِهِ-: شَدِيدُ الْمِحالِ وَقَوْلِهِ: قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ [الرَّعْد: ٤٣] .