الْإِحْسَانِ فِي الْعَطَاءِ بَلْ هِيَ أَبْهَجُ لَدَى أَهْلِ الْهِمَمِ، وَلِذَلِكَ وُصِفَ الْمَدْخَلُ بِ يَرْضَوْنَهُ.
وَوَقَعَتْ جُمْلَةُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَصَرِيحُهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ. وَكِنَايَتُهَا التَّعْرِيضُ بِأَنَّ الرِّزْقَ الَّذِي يَرْزُقُهُمَ اللَّهُ هُوَ خَيْرُ الْأَرْزَاقِ لِصُدُورِهِ مِنْ خَيْرِ الرَّازِقِينَ.
وَأُكِّدَتَ الْجُمْلَةُ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ وَلَامِهِ وَضَمِيرِ الْفَصْلِ تَصْوِيرًا لِعَظَمَةِ رِزْقِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَجُمْلَةُ: وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ تَذْيِيلٌ، أَيْ عَلِيمٌ بِمَا تَجَشَّمُوهُ مِنَ الْمَشَاقِّ فِي شَأْنِ هِجْرَتِهِمْ مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَهْلِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ، وَهُوَ حَلِيمٌ بهم فِيمَا لَا قوه فَهُوَ يجازيهم بِمَا لقوه مِنْ أَجْلِهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تُبَيِّنُ مَزِيَّةَ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْإِسْلَامِ.
وَقَرَأَ نَافِعٌ مُدْخَلًا- بِفَتْحِ الْمِيم- على أَنه اسْمُ مَكَانٍ مِنْ دَخَلَ الْمُجَرَّدِ لِأَنَّ الْإِدْخَالَ يَقْتَضِي الدُّخُولَ. وَقَرَأَ الْبَاقُونَ- بِضَمِّ الْمِيمِ- جَرْيًا عَلَى فِعْلِ لَيُدْخِلَنَّهُمْ الْمَزِيدِ وَهُوَ أَيْضًا اسْمُ مَكَان للإدخال.
[٦٠]
[سُورَة الْحَج (٢٢) : آيَة ٦٠]
ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (٦٠)
اسْمُ الْإِشَارَةِ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ لَفْتًا لِأَذْهَانِ السَّامِعِينَ إِلَى مَا سَيَجِيءُ مِنَ الْكَلَامِ لِأَنَّ مَا بَعْدَهُ غَيْرُ صَالِحٍ لِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنِ اسْمِ الْإِشَارَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَظِيرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ:
ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُماتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الْحَج: ٣٠] .
وَجُمْلَةُ وَمَنْ عاقَبَ إِلَخْ، مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ [الْحَج: ٥٨] الْآيَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute