وَفِي الرَّحْمَنِ لِلضُّعَفَاءِ كَافِي
أَيْ وَالرَّحْمَنُ كَافٍ لِلضُّعَفَاءِ.
والْخُلْدِ: طُولُ الْبَقَاءِ، وَأُطْلِقَ فِي اصْطِلَاحِ الْقُرْآنِ عَلَى الْبَقَاءِ الْمُؤَبَّدِ الَّذِي لَا نِهَايَةَ لَهُ.
وَانْتَصَبَ جَزاءُ عَلَى الْحَالِ مِنْ دارُ الْخُلْدِ. وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة. و (مَا) مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ جَزَاءٌ بِسَبَبِ كَوْنِهِمْ يَجْحَدُونَ بِآيَاتِنَا.
وَصِيغَةُ الْمُضَارِعِ فِي يَجْحَدُونَ دَالَّةٌ عَلَى تَجَدُّدِ الْجُحُودِ حِينًا فَحِينًا وَتَكَرُّرِهِ.
وَعُدِّيَ فِعْلُ يَجْحَدُونَ بِالْبَاءِ لِتَضْمِينِهِ مَعْنَى: يَكْذِبُونَ. وَتَقْدِيمُ بِآياتِنا لِلِاهْتِمَامِ وَلِلرِّعَايَةِ على الفاصلة.
[٢٩]
[سُورَة فصلت (٤١) : آيَة ٢٩]
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلاَّنا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ نَجْعَلْهُما تَحْتَ أَقْدامِنا لِيَكُونا مِنَ الْأَسْفَلِينَ (٢٩)
عطف على جملَة لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ [فصلت: ٢٨] ، أَيْ وَيَقُولُونَ فِي جَهَنَّمَ، فَعَدَلَ عَنْ صِيغَةِ الِاسْتِقْبَالِ إِلَى صِيغَةِ الْمُضِيِّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً قالَتْ أُخْراهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ [الْأَعْرَاف: ٣٨] ، فَالْقَائِلُونَ رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا: هُمْ عَامَّةُ الْمُشْرِكِينَ، كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله: الَّذَيْنِ أَضَلَّانا وَمَعْنَى أَرِنَا عَيِّنْ لَنَا، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ إِرَادَةِ انْتِقَامِهِمْ مِنْهُمْ وَلِذَلِكَ جَزَمَ نَجْعَلْهُما فِي جَوَابِ الطَّلَبِ عَلَى تَقْدِيرِ: إِنْ تُرِنَاهُمَا نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا.
وَالْجَعْلُ تَحْتَ الْأَقْدَامِ: الْوَطْءُ بِالْأَقْدَامِ وَالرَّفْسُ، أَيْ نَجْعَلُ آحَادَهُمْ تَحْتَ أَقْدَامِ آحَادِ جَمَاعَتِنَا، فَإِنَّ الدَّهْمَاءَ أَكْثَرُ مِنَ الْقَادَةِ فَلَا يَعُوزُهُمُ الِانْتِقَامُ مِنْهُمْ. وَكَانَ الْوَطْءُ بِالْأَرْجُلِ مِنْ كَيْفِيَّاتِ الِانْتِقَامِ وَالِامْتِهَانِ، قَالَ ابْنُ وَعْلَةَ الْجَرْمِيُّ:
وَوَطْئِنَا وَطْأً عَلَى حَنَقٍ ... وَطْأَ الْمُقَيَّدِ نَابِتَ الْهَرْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute