للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِعَذَابِ الْحَرِيقِ حَرِيقٌ بِغَيْرِ جَهَنَّمَ وَهُوَ مَا يُضْرَمُ عَلَيْهِمْ مِنْ نَارِ تَعْذِيبٍ قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ كَمَا

جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «الْقَبْرُ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ جَهَنَّمَ أَوْ رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي «سُنَنِهِ» عَنِ ابْن عمر

. [١١]

[سُورَة البروج (٨٥) : آيَة ١١]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ (١١)

يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا نَاشِئًا عَنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا الْمُقْتَضِي أَنَّهُمْ إِنْ تَابُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ فَيَتَشَوَّفُ السَّامِعُ إِلَى مَعْرِفَةِ حَالِهِمْ أَمَقْصُورَةٌ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ أَوْ هِيَ فَوْقَ ذَلِكَ، فَأُخْبِرَ بِأَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ فَإِنَّ التَّوْبَةَ الْإِيمَانُ، فَلِذَلِكَ جِيءَ بِصِلَةِ آمَنُوا دُونَ: تَابُوا: لِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ هُوَ التَّوْبَةُ مِنَ الشِّرْكِ الْبَاعِثِ عَلَى فَتْنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَهَذَا الِاسْتِئْنَافُ وَقَعَ مُعْتَرِضًا.

وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اعْتِرَاضًا بَيْنَ جُمْلَةِ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ [البروج: ١٠] وَجُمْلَةِ:

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ [البروج: ١٢] اعْتِرَاضًا بِالْبِشَارَةِ فِي خِلَالِ الْإِنْذَارِ لِتَرْغِيبِ الْمُنْذَرِينَ فِي الْإِيمَانِ، وَلِتَثْبِيتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا يُلَاقُونَهُ مِنْ أَذَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ فِي إِرْدَافِ الْإِرْهَابِ بِالتَّرْغِيبِ.

وَالتَّأْكِيدُ بِ إِنَّ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ.

وَالْإِشَارَةُ فِي ذلِكَ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنِ اخْتِصَاصِهِمْ بِالْجَنَّاتِ وَالْأَنْهَارِ.

والْكَبِيرُ: مُسْتَعَارٌ لِلشَّدِيدِ فِي بَابِهِ، والفوز: مصدر.

[١٢]

[سُورَة البروج (٨٥) : آيَة ١٢]

إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢)

جملَة: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ عِلَّةٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ إِلَى قَوْلِهِ: وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ [البروج: ١٠] ، أَيْ لِأَنَّ بَطْشَ اللَّهِ شَدِيدٌ عَلَى الَّذِينَ فَتَنُوا الَّذِينَ آمَنُوا بِهِ. فَمَوْقِعُ إِنَّ فِي التَّعْلِيلِ يُغْنِي عَنْ فَاءِ التَّسَبُّبِ.