[٦٦- ٦٨]
[سُورَة هود (١١) : الْآيَات ٦٦ الى ٦٨]
فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (٦٦) وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٦٧) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى نَظَائِرِ بَعْضِ هَذِهِ الْآيَةِ فِي قِصَّةِ هُودٍ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ.
وَمُتَعَلِّقُ نَجَّيْنا مَحْذُوفٌ.
وَعَطْفُ وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ عَلَى مُتَعَلِّقِ نَجَّيْنا الْمَحْذُوفِ، أَيْ نَجَّيْنَا صَالِحًا- عَلَيْهِ السَّلَامُ- وَمَنْ مَعَهُ مِنْ عَذَابِ الِاسْتِئْصَالِ وَمِنَ الْخِزْيِ الْمُكَيَّفِ بِهِ الْعَذَابُ فَإِنَّ الْعَذَابَ يَكُونُ عَلَى كَيْفِيَّاتٍ بَعْضُهَا أَخْزَى مِنْ بَعْضٍ. فَالْمَقْصُودُ مِنَ الْعَطْفِ عَطْفُ مِنَّةٍ عَلَى مِنَّةٍ لَا عَطْفُ إِنْجَاءٍ عَلَى إِنْجَاءٍ، وَلِذَلِكَ عَطَفَ الْمُتَعَلِّقَ وَلَمْ يَعْطِفِ الْفِعْلَ، كَمَا عَطَفَ فِي قِصَّةِ عَادٍ نَجَّيْنا هُوداً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ [هود: ٥٨] لِأَنَّ ذَلِكَ إِنْجَاءٌ مِنْ عَذَابٍ مُغَايِرٍ لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
وَتَنْوِينُ يَوْمِئِذٍ تَنْوِينُ عِوَضٍ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ. وَالتَّقْدِيرُ: يَوْمَ إِذْ جَاءَ أَمْرُنَا.
وَالْخِزْيُ: الذُّلُّ، وَهُوَ ذُلُّ الْعَذَابِ، وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ قَرِيبًا.
وَجُمْلَةُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ مُعْتَرِضَةٌ.
وَقَدْ أُكِّدَ الْخَبَرُ بِثَلَاثِ مُؤَكِّدَاتٍ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ. وَعَبَّرَ عَنْ ثَمُودَ بِالَّذِينِ ظَلَمُوا لِلْإِيمَاءِ بِالْمَوْصُولِ إِلَى عِلَّةِ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ، أَيْ لِظُلْمِهِمْ وَهُوَ ظُلْمُ الشِّرْكِ. وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِمُشْرِكِي أَهْلِ مَكَّةَ بِالتَّحْذِيرِ مِنْ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِثْلَ مَا أَصَابَ أُولَئِكَ لِأَنَّهُمْ ظَالِمُونَ أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute