للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْجُنْدُ اسْمُ جَمْعٍ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ: هُوَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ الَّتِي تَجْتَمِعُ عَلَى أَمْرٍ تَتَّبِعُهُ، فَلِذَلِكَ يُطْلَقُ عَلَى الْعَسْكَرِ لِأَنَّ عَمَلَهُمْ وَاحِدٌ وَهُوَ خِدْمَةُ أَمِيرهمْ وطاعته.

[٧]

[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : آيَة ٧]

وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا [الْقَصَص: ٥] ، إِذِ الْكُلُّ مِنْ أَجْزَاءِ النَّبَإِ. وَتَتَضَمَّنُ هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَفْصِيلًا لِمُجْمَلِ قَوْلِهِ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا، فَإِنَّ الْإِرَادَةَ لَمَّا تَعَلَّقَتْ بِإِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الذُّلِّ خَلَقَ اللَّهُ الْمُنْقِذَ لَهُمْ.

وَالْوَحْيُ هُنَا وَحْيُ إِلْهَامٍ يُوجَدُ عِنْدَهُ مِنِ انْشِرَاحِ الصَّدْرِ مَا يُحَقِّقُ عِنْدَهَا أَنَّهُ خَاطِرٌ مِنَ الْوَارِدَاتِ الْإِلَهِيَّةِ. فَإِنَّ الْإِلْهَامَ الصَّادِقَ يَعْرِضُ لِلصَّالِحِينَ فَيُوقِعُ فِي نُفُوسهم يَقِينا ينبعثون بِهِ إِلَى عَمَلِ مَا أُلْهِمُوا إِلَيْهِ. وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْوَحْيُ بِرُؤْيَا صَادِقَةٍ رَأَتْهَا. وَأَمُّ مُوسَى لَمْ يُعْرَفِ اسْمُهَا فِي كُتُبِ الْيَهُودِ، وَذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ لَهَا أَسْمَاءً لَا يُوثَقُ بِصِحَّتِهَا.

وَقَوْلُهُ أَنْ أَرْضِعِيهِ تَفْسِيرٌ لِ أَوْحَيْنا. وَالْأَمْرُ بِإِرْضَاعِهِ يُؤْذِنُ بِجُمَلٍ طُوِيَتْ وَهِيَ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا أَرَادَ ذَلِكَ قَدَّرَ أَنْ يَكُونَ مَظْهَرُ مَا أَرَادَهُ هُوَ الْجَنِينَ الَّذِي فِي بَطْنِ أَمِّ مُوسَى وَوَضَعَتْهُ أُمُّهُ، وَخَافَتْ عَلَيْهِ اعْتِدَاءَ أَنْصَارِ فِرْعَوْنَ عَلَى وَلِيدِهَا وَتَحَيَّرَتْ فِي أَمْرِهَا فَأُلْهِمَتْ أَوْ أُرِيَتْ مَا قَصَّهُ اللَّهُ هُنَا وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى.

وَالْإِرْضَاعُ الَّذِي أُمِرَتْ بِهِ يَتَضَمَّنُ أَنْ: أخفيه مُدَّة ترْضِعه فِيهَا فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ أَنْ يُعْرَفَ خَبَرُهُ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ.

وَإِنَّمَا أَمَرَهَا اللَّهُ بِإِرْضَاعِهِ لِتَقْوَى بُنْيَتُهُ بِلِبَانِ أُمِّهِ فَإِنَّهُ أَسْعَدُ بِالطِّفْلِ فِي أَوَّلِ عُمُرِهِ مِنْ لِبَانِ غَيْرِهَا، وَلِيَكُونَ لَهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ الْأَخِيرَةِ قَبْلَ إِلْقَائِهِ فِي الْيَمِّ قُوتٌ يَشُدُّ بُنْيَتَهُ فِيمَا بَيْنَ قَذْفِهِ فِي الْيَمِّ وَبَيْنَ الْتِقَاطِ آلِ فِرْعَوْنَ إِيَّاهُ وَإِيصَالِهِ إِلَى بَيْتِ فِرْعَوْنَ