للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسَكْبُ الْمَاءِ: صَبَّهُ، وَأُطْلِقَ هُنَا عَلَى جَرْيِهِ بِقُوَّةٍ يُشْبِهُ السَّكْبَ وَهُوَ مَاءُ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ.

وَالْفَاكِهَةُ: تَقَدَّمَتْ آنِفًا.

وَوُصِفَتْ بِ لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ وَصْفًا بِانْتِفَاءِ ضِدِّ الْمَطْلُوبِ إِذِ الْمَطْلُوبُ أَنَّهَا

دَائِمَةٌ مَبْذُولَةٌ لَهُمْ. وَالنَّفْيُ هُنَا أَوْقَعُ مِنَ الْإِثْبَاتِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَة وصف وتوكيده، وَهُمْ لَا يَصِفُونَ بِالنَّفْيِ إِلَّا مَعَ التَّكْرِيرِ بِالْعَطْفِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النُّور:

٣٥] . وَفِي حَدِيثِ أَمِّ زَرْعٍ: «قَالَتِ الْمَرْأَةُ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ وَلَا مَخَافَةٌ وَلَا سَآمَةٌ» .

ثُمَّ تَارَةً يَقْصِدُ بِهِ إِثْبَاتَ حَالَةٍ وُسْطَى بَيْنَ حَالَيِ الْوَصْفَيْنِ الْمَنْفِيَّيْنِ كَمَا فِي قَوْلِ أَمِّ زَرْعٍ: «لَا حَرٌّ وَلَا قُرٌّ» ، وَفِي آيَةِ: لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النُّور: ٣٥] وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ وَتَارَةً يُقْصَدُ بِهِ نَفْيُ الْحَالَيْنِ لِإِثْبَاتِ ضِدَّيْهِمَا كَمَا فِي قَوْلِهِ: لَا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ وَقَوْلُهُ الْآتِي: لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ [الْوَاقِعَة: ٤٤] ، وَقَوْلُ الْمَرْأَةِ الرَّابِعَةِ فِي حَدِيثِ أَمِّ زَرْعٍ: «وَلَا مَخَافَةَ وَلَا سَآمَةَ» .

وَجَمَعَ بَيْنَ الْوَصْفَيْنِ لِأَنَّ فَاكِهَةَ الدُّنْيَا لَا تَخْلُو مِنْ أَحَدِ ضِدِّي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ فَإِنَّ أَصْحَابَهَا يَمْنَعُونَهَا فَإِنْ لَمْ يَمْنَعُوهَا فَإِنَّ لَهَا إِبَّانًا تَنْقَطِعُ فِيهِ.

وَالْفُرُشُ: جَمْعُ فِرَاشٍ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَهُوَ مَا يُفْرَشُ وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ.

ومَرْفُوعَةٍ: وَصْفٌ لِ فُرُشٍ، أَيْ مَرْفُوعَةٍ عَلَى الْأَسِرَّةِ، أَيْ لَيْسَتْ مَفْرُوشَةً فِي الْأَرْضِ.

وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْفُرُشِ الْأَسِرَّةُ مِنْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِاسْمِ مَا يحل فِيهِ.

[٣٥- ٣٨]

[سُورَة الْوَاقِعَة (٥٦) : الْآيَات ٣٥ إِلَى ٣٨]

إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨)

لَمَّا جَرَى ذِكْرُ الْفُرُشِ وَهِيَ مِمَّا يُعَدُّ لِلْاِتِّكَاءِ وَالْاِضْطِجَاعِ وَقْتَ الرَّاحَةِ فِي الْمَنْزِلِ يخْطر بالبال بادىء ذِي بَدْءٍ مُصَاحَبَةُ الْحُورِ الْعِينِ مَعَهُمْ فِي تِلْكَ الْفُرُشِ فَيَتَشَوَّفُ إِلَى