وَأَقْصَرِهِ
مُكَرَّرَةً مَرَّتَيْنِ فِي السَّنَةِ ابْتِدَاءً مِنَ الرُّجُوعِ الشِّتْوِيِّ إِلَى الرُّجُوعِ الْخَرِيفِيِّ، وَهِيَ مَطَالِعُ مُتَقَارِبَةٌ لَيْسَتْ مُتَّحِدَةً، فَإِنَّ الْمَشْرِقَ اسْمٌ لِمَكَانِ شُرُوقِ الشَّمْسِ وَهُوَ ظُهُورِهَا فَإِذَا رَاعَوُا الْجِهَةَ دُونَ الْفَصْلِ قَالُوا: الْمَشْرِقَ، بِالْإِفْرَادِ، وَإِذَا رُوعِيَ الْفَصْلَانِ الشِّتَاءُ وَالصَّيْفُ قِيلَ: رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ، عَلَى أَنَّ جَمْعَ الْمَشَارِقِ قَدْ يَكُونُ بِمُرَاعَاةِ اخْتِلَافِ الْمَطَالِعِ فِي مَبَادِئِ الْفُصُولِ الْأَرْبَعَةِ. وَالْآيَةُ صَالِحَةٌ لِلِاعْتِبَارَيْنِ لِيَعْتَبِرَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنَ النَّاسِ بِهَا عَلَى حسب مبالغ علمهمْ.
[٦- ٧]
[سُورَة الصافات (٣٧) : الْآيَات ٦ إِلَى ٧]
إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (٦) وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧)
هَذِه الْجُمْلَة تتنزل مِنْ جُمْلَةِ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما [الصافات: ٥] مَنْزِلَةَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ. وَاقْتَصَرَ عَلَى رُبُوبِيَّةِ السَّمَاوَاتِ لِأَنَّ ثُبُوتَهَا يَقْتَضِي رُبُوبِيَّةَ الْأَرْضِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. وَأَدْمَجَ فِيهَا مِنَّةً عَلَى النَّاسِ بِأَنْ جَعَلَ لَهُمْ فِي السَّمَاءِ زِينَةَ الْكَوَاكِبِ تَرُوقُ أَنْظَارُهُمْ فَإِنَّ مَحَاسِنَ الْمَنَاظِرِ لَذَّةٌ لِلنَّاظِرِينَ قَالَ تَعَالَى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ [النَّحْل: ٦] ، وَمِنَّةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ جَعْلَ فِي تِلْكَ الْكَوَاكِبِ حِفْظًا مِنْ تَلَقِّي الشَّيَاطِينِ لِلسَّمْعِ فِيمَا قَضَى اللَّهُ أمره فِي الْعَالم الْعُلْوِيِّ لِقَطْعِ سَبِيلِ اطِّلَاعِ الْكُهَّانِ عَلَى بَعْضِ مَا سَيَحْدُثُ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَفْتِنُوا النَّاسَ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا فَتَنُوهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَلِيَكُونَ ذَلِكَ تَشْرِيفًا للنبيء صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ قُطِعَتِ الْكَهَانَةُ عِنْدَ إِرْسَالِهِ وَلِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ فِيهَا مَنْفَعَةً عَظِيمَةً دِينِيَّةً وَهِيَ قَطْعُ دَابِرِ الشَّكِّ فِي الْوَحْيِ، كَمَا أَنَّ فِيهَا مَنْفَعَةً دُنْيَوِيَّةً وَهِيَ لِلزِّينَةِ وَالِاهْتِدَاءِ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ.
والْكَواكِبِ: الْكُرَيَّاتُ السَّمَاوِيَّةُ الَّتِي تَلْمَعُ فِي اللَّيْلِ عَدَا الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ. وَتُسَمَّى النُّجُومَ، وَهِيَ أَقْسَامٌ: مِنْهَا الْعَظِيمُ، وَمِنْهَا دُونَهُ، فَمِنْهَا الْكَوَاكِبُ السَّيَّارَةُ، وَمِنْهَا الثَّوَابِتُ، وَمِنْهَا قِطَعٌ تَدُورُ حَوْلَ الشَّمْسِ. وَفِي الْكَوَاكِبِ حكم مِنْهَا أَن تَكُونُ زِينَةً لِلسَّمَاءِ فِي اللَّيْلِ فَالْكَوَاكِبُ هِيَ الَّتِي بِهَا زُيِّنَتِ السَّمَاءُ. فَإِضَافَةُ (زِينَةٍ) إِلَى (الْكَواكِبِ) إِنْ جَعَلْتَ زِينَةِ مَصْدَرًا بِوَزْنِ فِعْلَةٍ مِثْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute