وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ فَيُسْحِتَكُمْ- بِفَتْحِ الْيَاءِ- مُضَارِعُ سَحَتَهُ: إِذَا اسْتَأْصَلَهُ، وَهِيَ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ. وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٌ، وَرُوَيْسٌ عَنْ يَعْقُوبَ- بِضَمِّ الْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ- مِنْ أَسْحَتَهُ، وَهِيَ لُغَةُ نَجْدٍ وَبَنِي تَمِيمٍ، وَكِلْتَا اللُّغَتَيْنِ فُصْحَى.
وَجُمْلَةُ وَقَدْ خابَ مَنِ افْتَرى فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنْ ضَمِيرِ لَا تَفْتَرُوا وَهِيَ مَسُوقَةٌ مَسَاقَ التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ، أَيِ اجْتَنِبُوا الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ فَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ. بَعْدَ أَنْ وَعَظَهُمْ فَنَهَاهُمْ عَنِ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ وَأَنْذَرَهُمْ عَذَابَهُ ضَرَبَ لَهُمْ مَثَلًا بِالْأُمَمِ الْبَائِدَةِ الَّذِينَ افْتَرَوُا الْكَذِبَ عَلَى اللَّهِ فَلَمْ يَنْجَحُوا فِيمَا افْتَرَوْا لِأَجْلِهِ.
ومَنِ الْمَوْصُولَةُ لِلْعُمُومِ.
وَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ الَّتِي قَبْلَهَا كَمَوْقِعِ الْقَضِيَّةِ الْكُبْرَى مِنَ الْقِيَاسِ الِاقْتِرَانِيِّ.
وَفِي كَلَامِ مُوسَى إِعْلَانٌ بِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّلُ عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسْتَأْصِلُهُ بِعَذَابٍ وَيَعْلَمُ خَيْبَةَ مَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ وَمَنْ كَانَ يَعْلَمُ ذَلِكَ لَا يقدم عَلَيْهِ.
[٦٢- ٦٤]
[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٦٢ إِلَى ٦٤]
فَتَنازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوى (٦٢) قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى (٦٣) فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى (٦٤)
أَيْ تَفَرَّعَ عَلَى مَوْعِظَةِ مُوسَى تَنَازُعُهُمُ الْأَمْرَ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا يُؤْذِنُ بِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ تَرَكَتْ فِيهِ الْمَوْعِظَةُ بَعْضَ الْأَثَرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَشِيَ الِانْخِذَالَ، فَلِذَلِكَ دَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِلتَّشَاوُرِ فِي مَاذَا يَصْنَعُونَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute