للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاخْتِيرَتْ صِيغَةُ الْمُضَارِعِ فِي يَحْذَرُ لِمَا تُشْعِرُ بِهِ مِنِ اسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ كَقَوْلِهِ

تَعَالَى: فَتُثِيرُ سَحاباً [الرّوم: ٤٨] وَقَوْلِهِ: يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ [هود: ٧٤] .

وَالسورَة: طَائِفَةٌ مُعَيَّنَةٌ مِنْ آيَاتِ الْقُرْآنِ ذَاتُ مَبْدَأٍ وَنِهَايَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا عِنْدَ تَفْسِيرِ طَالِعَةِ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ.

وَالتَّنْبِئَةُ الْإِخْبَارُ وَالْإِعْلَامُ مَصْدَرُ نَبَّأَ الْخَبَرَ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ [٣٤] .

وَالِاسْتِهْزَاءُ: تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ فِي أَوَّلِ الْبَقَرَةِ [١٤] .

وَالْإِخْرَاجُ: مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِظْهَارِ مَجَازًا، وَالْمَعْنَى: أَنَّ اللَّهَ مُظْهِرُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ بِإِنْزَالِ السُّوَرِ: مِثْلَ سُورَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَهَذِهِ السُّورَةِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ، حَتَّى سُمِّيَتِ الْفَاضِحَةَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَعْدَادِ أَحْوَالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمْ، وَمِنْهُمُ.

وَالْعُدُولُ إِلَى التَّعْبِيرِ بِالْمَوْصُولِ فِي قَوْلِهِ: مَا تَحْذَرُونَ دُونَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ سُورَةً تُنَبِّئُكُمْ بِمَا فِي قُلُوبِكُمْ: لِأَنَّ الْأَهَمَّ مِنْ تَهْدِيدِهِمْ هُوَ إِظْهَارُ سَرَائِرِهِمْ لَا إِنْزَالُ السُّورَةِ، فَذِكْرُ الصِّلَةِ وَافٍ بِالْأَمْرَيْنِ: إِظْهَارِ سَرَائِرِهِمْ، وَكَوْنِهِ فِي سُورَةٍ تَنْزِلُ، وَهُوَ أَنَكَى لَهُمْ، فَفِيهِ إِيجَازٌ بَدِيعٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ كهيعص [٨٠] وَنَرِثُهُ مَا يَقُولُ بَعْدَ قَوْلِهِ:

وَقالَ لَأُوتَيَنَّ مَالا وَوَلَداً [مَرْيَم: ٧٧] أَيْ نَرِثُهُ مَاله وَولده.

[٦٥]

[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ٦٥]

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ (٦٥)

الظَّاهِرُ أَنَّهَا مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ [التَّوْبَة: ٦٢] أَوْ عَلَى جُمْلَةِ وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النبيء [التَّوْبَة: ٦١] ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِجُمْلَةِ: يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ [التَّوْبَة: ٦٢] أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ إِنْ لَمْ تَسْأَلْهُمْ. فَالْحَلِفُ الصَّادِرُ مِنْهُمْ حَلِفٌ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ بَرَاءَتِهِمْ مِنَ النِّفَاقِ وَالطَّعْنِ، وَجَوَابُ السُّؤَالِ عَنْ أُمُورٍ خَاصَّةٍ يُتَّهَمُونَ بِهَا جَوَابٌ يُرَادُ مِنْهُ أَنَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمْ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ