للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَصَاحِبُ «الْكَشَّافِ» جَعَلَ إِذا ظَرْفًا مُجَرَّدًا عَنْ مَعْنَى الشَّرْطِيَّةِ مَنْصُوبًا بِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ لِقَصْدِ التَّهْوِيلِ يَقْتَضِي تَقْدِيرُهُ عَدَمَ وُجُودِ متعلّق للظرف ليقدّر لَهُ مُتَعَلَّقٌ بِمَا يُنَاسِبُ، كَمَا قُدِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ [سُورَة النَّحْل: ٨٤] . وَالتَّقْدِيرُ: إِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ وَبَغَتَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَالْفَاءُ فِي قَوْلِهِ: فَلا يُخَفَّفُ فَصِيحَةٌ وَلَيْسَتْ رَابِطَةً لِلْجَوَابِ.

والَّذِينَ ظَلَمُوا هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، فَالتَّعْبِيرُ بِهِ مِنَ الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِقَصْدِ إِجْرَاءِ الصِّفَاتِ الْمُتَلَبِّسِينَ بِهَا عَلَيْهِمْ. وَالْمَعْنَى: فَلَا يُؤْذَنُ لِلَّذِينِ كَفَرُوا وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ، ثُمَّ يُسَاقُونَ إِلَى الْعَذَابِ فَإِذَا رَأَوْهُ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ، أَيْ يَسْأَلُونَ تَخْفِيفَهُ أَوْ تَأْخِيرَ الْإِقْحَامِ فِيهِ فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَأَطْلَقَ الْعَذَابَ عَلَى آلَاتِهِ وَمَكَانِهِ.

وَجَاءَ الْمُسْنَدُ إِلَيْهِ مُخْبَرًا عَنْهُ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ، لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْجُمْلَةِ الْفِعْلِيَّةِ عَنِ الِاسْمِ يُفِيدُ تَقَوِّي الْحُكْمِ، فَأُرِيدَ تَقَوِّي حُكْمَ النَّفْيِ، أَيْ أَنَّ عَدَمَ تَخْفِيفِ الْعَذَابِ عَنْهُمْ مُحَقَّقُ الْوُقُوعِ لَا طَمَاعِيَةَ فِي إِخْلَافِهِ، فَحَصَلَ تَأْكِيدُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَمَا حَصَلَ تَأْكِيدُ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا بِالْفَاءِ، أَيْ فَهُمْ يُلْقَوْنَ بِسُرْعَةٍ فِي الْعَذَاب.

[٨٦، ٨٧]

[سُورَة النَّحْل (١٦) : الْآيَات ٨٦ إِلَى ٨٧]

وَإِذا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكاءَهُمْ قالُوا رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكاذِبُونَ (٨٦) وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧)

الَّذِينَ أَشْرَكُوا هُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا الَّذِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ، وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا الَّذين لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ. وَإِجْرَاءُ هَذِهِ الصِّلَاتِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمْ لِزِيَادَةِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ إِجْرَامِهِمُ الرَّاجِعَةِ إِلَى تَكْذِيبِ مَا دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ نُكْتَةُ