للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَدُلُّكُمْ هُوَ التِّجَارَةُ الْمُفَسَّرَةُ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: هَلْ تَتَّجِرُونَ بِالْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ.

وَإِنَّمَا جِيءَ بِالْفِعْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ عَلَى لَفْظِ الْخَبَرِ لِلْإِيذَانِ بِوُجُوبِ الِامْتِثَالِ حَتَّى يَفْرِضَ الْمَأْمُورُ كَأَنَّهُ سَمِعَ الْأَمْرَ وَامْتَثَلَهُ.

وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تُنْجِيكُمْ بِسِكُونِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الْجِيمِ. وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ بِفَتْحِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ، يُقَالُ: أَنْجَاهُ وَنَجَّاهُ.

وَالْإِشَارَةُ بِ ذلِكُمْ إِلَى الْإِيمَانِ وَالْجِهَادِ بِتَأْوِيلِ الْمَذْكُورُ: خَيْرٌ.

وخَيْرٌ هَذَا لَيْسَ اسْمَ تَفْضِيلٍ الَّذِي أَصْلُهُ: أَخْيَرُ وَوَزْنُهُ: أَفْعَلُ، بَلْ هُوَ اسْمٌ لِضِدِّ الشَّرِّ، وَوَزْنُهُ: فَعْلٌ.

وَجَمَعَ قَوْلُهُ: خَيْرٌ مَا هُوَ خَيْرُ الدُّنْيَا وَخَيْرُ الْآخِرَةِ.

وَقَوْلُهُ: إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ تَعْرِيضٌ لَهُمْ بِالْعِتَابِ عَلَى تَوَلِّيهِمْ يَوْمَ أُحُدٍ بَعْدَ أَنْ قَالُوا:

لَوْ نَعْلَمُ أَيَّ الْأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ لَعَمِلْنَاهُ، فَنُدِبُوا إِلَى الْجِهَادِ فَكَانَ مَا كَانَ مِنْهُمْ يَوْمَ أُحُدٍ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ، فَنُزِّلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ يُشَكُّ فِي عَمَلِهِمْ بِأَنَّهُ خَيْرٌ لِعَدَمِ جَرْيِهِمْ عَلَى مُوجب الْعلم.

وَالْمَسَاكِين الطَّيِّبَةِ: هِيَ الْقُصُورُ الَّتِي فِي الْجَنَّةِ، قَالَ تَعَالَى: وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً [الْفرْقَان: ١٠] .

وَإِنَّمَا خُصَّتِ الْمَسَاكِنُ بِالذِّكْرِ هُنَا لِأَنَّ فِي الْجِهَادِ مُفَارَقَةَ مَسَاكِنِهِمْ، فَوُعِدُوا عَلَى تِلْكَ الْمُفَارقَة الموقتة بِمَسَاكِنَ أَبَدِيَّةٍ. قَالَ تَعَالَى: قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ إِلَى قَوْلِهِ: وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ [التَّوْبَة: ٢٤] الْآيَة.

[١٣]

[سُورَة الصَّفّ (٦١) : آيَة ١٣]

وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣)

وَأُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ.

عُطِفَ عَلَى جُمْلَةِ يَغْفِرْ لَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ [الصَّفّ: ١٢] عَطْفَ الِاسْمِيَّةِ عَلَى الْفِعْلِيَّةِ.

وَجِيءَ بِالْإِسْمِيَّةِ لِإِفَادَةِ الثُّبُوتِ وَالتَّحَقُّقِ. فَ أُخْرى مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ دَلَّ