ثَلَاثَةٌ، أَرْبَعَةٌ، خَمْسَةٌ، سِتَّةٌ، سَبْعَةٌ، وَثَمَانِيَةٌ، تِسْعَةٌ، عَشَرَةٌ، فَهَكَذَا هِيَ لُغَتُهُمْ. وَمَتَى جَاءَ فِي كَلَامِهِمْ أَمْرُ ثَمَانِيَةٍ أَدْخَلُوا الْوَاوَ» اه.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ.
وَأَقُولُ: كَثُرَ الْخَوْضُ فِي هَذَا الْمَعْنَى لِلْوَاوِ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا، وَتَوْجِيهًا وَنَقْضًا. وَالْوَجْهُ عِنْدِي أَنَّهُ اسْتِعْمَالٌ ثَابِتٌ، فَأَمَّا فِي الْمَعْدُودِ الثَّامِنِ فَقَدِ اطَّرَدَ فِي الْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ الْمُسْتَدَلِّ بِهَا. وَلَا يَرِيبُكَ أَنَّ بَعْضَ الْمُقْتَرِنِ بِالْوَاوِ فِيهَا لَيْسَ بِثَامِنٍ فِي الْعَدَّةِ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِكَوْنِهِ ثَامِنًا فِي الذِّكْرِ لَا فِي الرُّتْبَةِ.
وَأَمَّا اقْتِرَانُ الْوَاوِ بِالْأَمْرِ الَّذِي فِيهِ مَعْنَى الثَّامِنِ كَمَا قَالُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر: ٧٣] . فَإِنَّ مَجِيءَ الْوَاوِ لِكَوْنِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةً، فَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا نُكْتَةً لَطِيفَةً جَاءَتِ اتِّفَاقِيَّةً. وَسَيَجِيءُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الزُّمَرِ حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها [الزمر: ٧٣] .
وَجُمْلَةُ: وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [التَّوْبَة:
١١١] عَطْفَ إِنْشَاءٍ عَلَى خَبَرٍ. وَمِمَّا حَسَّنَهُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْخَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الْعَمَلُ بِهِ فَأَشْبَهَ الْأَمْرَ. وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَمْرِ بِتَبْشِيرِهِمْ إِبْلَاغُهُمْ فَكَانَ كِلْتَا الْجُمْلَتَيْنِ مُرَادًا مِنْهَا مَعْنَيَانِ خَبَرِيٌّ وَإِنْشَائِيٌّ. فَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْمَعْهُودُونَ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ [التَّوْبَة: ١١١] .
وَالْبِشَارَةُ تقدّمت مرَارًا.
[١١٣]
[سُورَة التَّوْبَة (٩) : آيَة ١١٣]
مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣)
اسْتِئْنَافٌ نُسِخَ بِهِ التَّخْيِيرُ الْوَاقِعُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ [التَّوْبَة: ٨٠] فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَسْوِيَةً بَيْنَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَسْتَغْفِرَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute