للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي عَذَابٍ لَا يَجِدُونَ مِنْهُ مَنْجًى. وَهَذَا الِاسْتِئْنَافُ وَقَعَ مُعْتَرِضًا بَيْنَ الْجُمَلِ الْمُتَعَاطِفَةِ.

وَالتَّمْتِيعُ: الْعَطَاءُ الْمُوَقَّتُ فَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَتَاعِ، أَيِ الشَّيْءِ الْقَلِيلِ. وقَلِيلًا صِفَةٌ لِمَصْدَرِ مَفْعُولٍ مُطْلَقٍ، أَيْ تَمْتِيعًا قَلِيلًا، وَقِلَّتُهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَوْ لِقِلَّةِ مُدَّتِهِ فِي الدُّنْيَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُدَّةِ الْآخِرَةِ، وَتَقَدَّمَ عِنْد قَوْله تَعَالَى وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ فِي الْأَعْرَافِ [٢٤] .

وَالِاضْطِرَارُ: الْإِلْجَاءُ، وَهُوَ جَعْلُ الْغَيْرِ ذَا ضَرُورَةٍ، أَيْ: لُزُومٍ، وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [١٢٦] .

وَالْغَلِيظُ: مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْخَشِنُ، وَأُطْلِقَ عَلَى الشَّدِيدِ مِنَ الْأَحْوَالِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِعَارَةِ بِجَامِعِ الشِّدَّةِ عَلَى النَّفْسِ وَعَدَمِ الطَّاقَةِ عَلَى احْتِمَالِهِ. وَتَقَدَّمَ قَوْلُهُ وَنَجَّيْناهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ فِي سُورَةِ هُودٍ [٥٨] كَمَا أُطْلِقَ الْكَثِيرُ على الْقوي.

[٢٥]

[سُورَة لُقْمَان (٣١) : آيَة ٢٥]

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٥)

عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا [لُقْمَان: ٢١] بِاعْتِبَارِ أَنَّ مَا وَجَدُوا عَلَيْهِ آبَاءَهُمْ هُوَ الْإِشْرَاكُ مَعَ اللَّهِ فِي الْإِلَهِيَّةِ، وَإِنْ سَأَلَهُمْ سَائِلٌ: مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ يَقُولُوا خَلْقَهُنَّ اللَّهُ، وَذَلِكَ تَسْخِيفٌ لِعُقُولِهِمُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ لِلَّهِ بِالْخَلْقِ وَبَيْنَ اعْتِقَادِ إِلَهِيَّةِ غَيْرِهِ.

وَالْمُرَادُ بِالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ: مَا يَشْمَلُ مَا فِيهَا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَمِنْ بَيْنِ ذَلِكَ حِجَارَةُ الْأَصْنَامِ، وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ. وَعَبَّرَ هُنَا بِ لَا يَعْلَمُونَ وَفِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ [٦٣] بِ لَا يَعْقِلُونَ تَفَنُّنًا فِي الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ مَعَ اتِّحَاد الْمَعْنى.