للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ عَلَيْهِمْ: وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَهُوَ يُؤَوِّلُ مَا فِي حَدِيثِ التِّرْمِذِيِّ بِمَا يُوهِمُ أَنَّهَا نَزَلَتْ يَوْمَئِذٍ.

وَهِيَ السُّورَةُ الْحَادِيَةُ وَالْأَرْبَعُونَ فِي تَرْتِيبِ النُّزُولِ فِي قَوْلِ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي اعْتَمَدَهُ

الْجَعْبَرِيُّ، نَزَلَتْ بَعْدَ سُورَةِ قُلْ أُوحِيَ وَقَبْلَ سُورَةِ الْفُرْقَانِ.

وَعُدَّتْ آيَاتُهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَمْصَارِ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ. وَعُدَّتْ عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ ثَلَاثًا وَثَمَانِينَ.

وَوَرَدَ فِي فَضْلِهَا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا وَقَلْبُ الْقُرْآنِ يس. وَمَنْ قَرَأَ يس كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِقِرَاءَتِهَا قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ عَشْرَ مَرَّاتٍ»

. قَالَ التِّرْمِذِيُّ:

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَفِيهِ هَارُونُ أَبُو مُحَمَّدٍ شَيْخٌ مَجْهُولٌ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: حَدِيثُهَا ضَعِيفٌ.

أَغْرَاضُ هَذِهِ السُّورَةِ

التَّحَدِّي بِإِعْجَازِ الْقُرْآنِ بِالْحُرُوفِ الْمُقَطَّعَةِ، وَبِالْقَسَمِ بِالْقُرْآنِ تَنْوِيهًا بِهِ، وَأُدْمِجَ وَصْفُهُ بِالْحَكِيمِ إِشَارَةً إِلَى بُلُوغِهِ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِحْكَامِ. وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ تَحْقِيقُ رِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَفْضِيلُ الدِّينِ الَّذِي جَاءَ بِهِ فِي كِتَابٍ مُنْزِلٍ مِنَ اللَّهِ لِإِبْلَاغِ الْأُمَّةِ الْغَايَةَ السَّامِيَةَ وَهِيَ اسْتِقَامَةُ أُمُورِهَا فِي الدُّنْيَا وَالْفَوْزُ فِي الْحَيَاةِ الْأَبَدِيَّةِ، فَلِذَلِكَ وُصِفَ الدِّينُ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ.

وَأَنَّ الْقُرْآنَ دَاعٍ لِإِنْقَاذِ الْعَرَبِ الَّذِينَ لَمْ يَسْبِقْ مَجِيءُ رَسُولٍ إِلَيْهِمْ، لِأَنَّ عَدَمَ سَبْقِ الْإِرْسَالِ إِلَيْهِمْ تَهْيِئَةٌ لِنُفُوسِهِمْ لِقَبُولِ الدِّينِ إِذْ لَيْسَ فِيهَا شَاغِلٌ سَابِقٌ يَعِزُّ عَلَيْهِمْ فِرَاقُهُ أَوْ يَكْتَفُونَ بِمَا فِيهِ مِنْ هُدًى.

وَوَصْفُ إِعْرَاضِ أَكْثَرِهِمْ عَنْ تَلَقِّي الْإِسْلَامِ، وَتَمْثِيلُ حَالِهِمُ الشَّنِيعَةِ، وَحِرْمَانُهُمْ مِنَ الِانْتِفَاعِ بِهَدْيِ الْإِسْلَامِ وَأَنَّ الَّذِينَ اتَّبَعُوا دِينَ الْإِسْلَامِ هُمْ أَهْلُ الْخَشْيَةِ وَهُوَ الدِّينُ الْمَوْصُوفُ بِالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ.

وَضَرْبُ الْمَثَلِ لِفَرِيقَيِ الْمُتَّبِعِينَ وَالْمُعَرِضِينَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى بِمَا سَبَقَ مِنْ حَالِ أَهْلِ الْقَرْيَةِ الَّذِينَ شَابَهَ تَكْذِيبُهُمُ الرُّسُلَ تَكْذِيبَ قُرَيْشٍ.