وَجُمْلَةُ: ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ. وَحَرْفُ (ثُمَّ) هَذَا مُؤَكِّدٌ لِنَظِيرِهِ الَّذِي فِي الْجُمْلَةِ الْمُبَيَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَرْجِعِ الْحُصُولُ فِي نَفَاذِ حُكْمِ اللَّهِ.
وَالْجُمَلُ الْأَرْبَعُ هِيَ مِنَ الْمَقُولِ الْمَأْمُورِ بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْلِيغًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَإِذَاقَةُ الْعَذَابِ إِيصَالُهُ إِلَى الْإِحْسَاسِ، أُطْلِقَ عَلَيْهِ الْإِذَاقَةُ لِتَشْبِيهِهِ بِإِحْسَاسِ الذَّوْقِ فِي التَّمَكُّنِ مِنْ أَقْوَى أَعْضَاءِ الْجِسْمِ حَاسِّيَّةَ لَمْسٍ وَهُوَ اللِّسَانُ.
وَالْبَاءُ فِي بِما كانُوا يَكْفُرُونَ لِلتَّعْلِيلِ.
وَقَوْلُهُ: كانُوا يَكْفُرُونَ يُؤْذِنُ بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَتَجَدُّدِهِ بأنواع الْكفْر.
[٧١]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٧١]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١)
انْتِقَالٌ مِنْ مُقَارَعَةِ الْمُشْرِكِينَ بِالْحُجَجِ السَّاطِعَةِ عَلَى بُطْلَانِ دِينِهِمْ، وَبِالدَّلَائِلِ الْوَاضِحَةِ عَلَى تَفْنِيدِ أَكَاذِيبِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ وَمَا تَخَلَّلَ ذَلِكَ مِنَ الْمَوْعِظَةِ وَالْوَعِيدِ بِالْعَذَابِ الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ وَالْإِرْهَابِ، إِلَى التَّعْرِيضِ لَهُمْ بِذِكْرِ مَا حَلَّ بِالْأُمَمِ الْمُمَاثِلَةِ أَحْوَالُهَا لِأَحْوَالِهِمْ، اسْتِقْصَاءً لِطَرَائِقِ الْحِجَاجِ عَلَى أَصْحَابِ اللَّجَاجِ فَإِنَّ نُوحًا- عَلَيْهِ السَّلَامُ- مَعَ قَوْمِهِ مَثَلٌ لِحَالِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَوْمِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَتَطَوُّرِهِ، فَفِي ذِكْرِ عَاقِبَةِ قَوْمِ نُوحٍ- عَلَيْهِ السَّلَامُ- تَعْرِيضٌ لِلْمُشْرِكِينَ بِأَنَّ عَاقِبَتَهُمْ كَعَاقِبَةِ أُولَئِكَ أَوْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُمَتَّعُونَ قَلِيلًا ثُمَّ يُؤْخَذُونَ أَخْذَةً رَابِيَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute