وَذَلِكَ مُفَادُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمُ الْحُسْنَى هُمُ الْمُرَادُ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ [النَّمْل: ٨٧] .
وَالتَّلَقِّي: التَّعَرُّضُ لِلشَّيْءِ عِنْدَ حُلُولِهِ تَعَرُّضَ كَرَامَةٍ. وَالصِّيغَةُ تُشْعِرُ بِتَكَلُّفِ لِقَائِهِ وَهُوَ تَكَلُّفُ تَهَيُّؤٍ وَاسْتِعْدَادٍ.
وَجُمْلَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ مَقُولٌ لِقَوْلٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ يَقُولُونَ لَهُمْ:
هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، تَذْكِيرًا لَهُمْ بِمَا وُعِدُوا فِي الدُّنْيَا مِنَ الثَّوَابِ، لِئَلَّا يَحْسَبُوا أَنَّ الْمَوْعُودَ بِهِ يَقَعُ فِي يَوْمٍ آخَرَ. أَيْ هَذَا يَوْمُ تَعْجِيلِ وَعْدِكُمْ. وَالْإِشَارَةُ بِاسْمِ إِشَارَةِ الْقَرِيبِ لِتَعْيِينِ الْيَوْمِ وَتَمْيِيزِهِ بِأَنَّهُ الْيَوْمُ الْحَاضِرُ.
وَإِضَافَةُ (يَوْمٍ) إِلَى ضَمِيرِ الْمُخَاطَبِينَ لِإِفَادَةِ اخْتِصَاصِهِ بِهِمْ وَكَوْنِ فَائِدَتِهِمْ حَاصِلَةً فِيهِ كَقَوْلِ جَرِيرٍ:
يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ الْمُزْجِي مَطِيَّتَهُ ... هَذَا زَمَانُكَ إِنِّي قَدْ خَلَا زَمَنِي
أَيْ هَذَا الزَّمَنُ الْمُخْتَصُّ بِكَ، أَيْ لتتصرف فِيهِ.
[١٠٤]
[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : آيَة ١٠٤]
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ (١٠٤)
جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ قُصِدَ مِنْهَا إِعَادَةُ ذِكْرِ الْبَعْثِ وَالِاسْتِدْلَالُ عَلَى وُقُوعِهِ وَإِمْكَانِهِ إِبْطَالًا لِإِحَالَةِ الْمُشْرِكِينَ وُقُوعَهُ بِعِلَّةِ أَنَّ الْأَجْسَادَ الَّتِي يُدَّعَى بَعْثُهَا قَدِ انْتَابَهَا الفناء الْعَظِيم وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ [السَّجْدَة: ١٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute