للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصَّافَّاتُ مِنْ صِفَاتِ الطَّيْرِ يُرَادُ بِهِ صَفُّهُنَّ أَجْنِحَتَهُنَّ فِي الْهَوَاءِ حِينَ الطَّيَرَانِ.

وَتَخْصِيصُ الطَّيْرِ بِالذِّكْرِ مِنْ بَيْنِ الْمَخْلُوقَاتِ لِلْمُقَابَلَةِ بَيْنَ مَخْلُوقَاتِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ بِذِكْرِ مَخْلُوقَاتٍ فِي الْجَوِّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلِذَلِكَ قُيِّدَتْ بِ صَافَّاتٍ.

وَفِعْلُ عَلِمَ مُرَادٌ بِهِ الْمَعْرِفَةُ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ عِلْمِ الْعُقَلَاءِ بِصَلَاتِهِمْ وَعِلْمِ الطَّيْرِ بِتَسْبِيحِهَا فَإِنَّ الثَّانِي مُجَرَّدُ شُعُورٍ وَقَصْدٌ لِلْعَمَلِ.

وَضَمَائِرُ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ رَاجِعَةٌ إِلَى كُلٌّ لَا مَحَالَةَ.

وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِهَا التَّوْزِيعَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرِ مِنْ جِهَةٍ وَعَلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ مِنْ جِهَةٍ لَوَقَعَ ضَمِيرُ فَصْلٍ بَعْدَ عَلِمَ فَلَكَانَ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.

وَالرُّؤْيَةُ هُنَا بَصَرِيَّةٌ لِأَنَّ تَسْبِيحَ الْعُقَلَاءِ مَشَاهَدٌ لِكُلِّ ذِي بَصَرٍ، وَتَسْبِيحَ الطَّيْرِ مَشَاهِدٌ بِاعْتِبَارِ مُسَمَّاهُ فَمَا عَلَى النَّاظِرِ إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ الْمُسَمَّى جَدِيرٌ بِاسْمِ التَّسْبِيحِ.

وَعَلَى هَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ الْإِنْكَارِيُّ مَكِينَ الْوَقْعِ.

وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: إِنْ جُمْلَةَ أَلَمْ تَرَ جَارِيَةٌ مَجْرَى الْأَمْثَالِ فِي كَلَامِ الْبُلَغَاءِ فَلَا الْتِفَاتَ فِيهَا إِلَى مَعْنَى الرُّؤْيَةِ.

وَقِيلَ: الرُّؤْيَةُ هُنَا قَلْبِيَّةٌ. وَأَغْنَى الْمَصْدَرُ عَنِ الْمَفْعُولَيْنِ.

وَجُمْلَةُ: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ تَذْيِيلٌ وَهُوَ إِعْلَامٌ بِسَعَةِ عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى الشَّامِلِ لِلتَّسْبِيحِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَحْوَالِ.

وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ جَمْعِ الْعُقَلَاءِ تَغْلِيبٌ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٢٤٣] وَقَوْلِهِ: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فِي سُورَة الْأَنْعَام [٦] .

[٤٢]

[سُورَة النُّور (٢٤) : آيَة ٤٢]

وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ