وَالْإِيتَاءُ: الإعطَاء، أَيْ أَعْطَيْنَاهُ أَهْلَهُ، وَأَهْلُ الرَّجُلِ أَهْلُ بَيْتِهِ وَقَرَابَتُهُ. وَفُهِمَ مِنْ تَعْرِيفِ الْأَهْلِ بِالْإِضَافَةِ أَنَّ الْإِيتَاءَ إِرْجَاعُ مَا سُلِبَ مِنْهُ مِنْ أَهْلٍ، يَعْنِي بِمَوْتِ أَوْلَادِهِ وَبَنَاتِهِ، وَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ بَيِّنٍ مِنَ السِّيَاقِ، أَيْ مِثْلَ أَهْلِهِ بِأَنْ رُزِقَ أَوْلَادًا بِعَدَدِ مَا فَقَدَ، وَزَادَهُ مِثْلَهُمْ فَيَكُونُ قَدْ رُزِقَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ابْنًا وَسِتَّ بَنَاتٍ مِنْ زَوْجِهِ الَّتِي كَانَتْ بَلَغَتْ سِنَّ الْعُقْمِ.
وَانْتَصَبَ رَحْمَةً عَلَى الْمَفْعُولِ لِأَجْلِهِ. وَوُصِفَتِ الرَّحْمَةُ بِأَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَنْوِيهًا بِشَأْنِهَا بِذِكْرِ الْعِنْدِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى الْقُرْبِ الْمُرَادِ بِهِ التَّفْضِيلُ. وَالْمُرَادُ رَحْمَةً بِأَيُّوبَ إِذْ قَالَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ.
وَالذِّكْرَى: التَّذْكِيرُ بِمَا هُوَ مَظِنَّةُ أَنْ يُنْسَى أَوْ يُغْفَلَ عَنْهُ. وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى رَحْمَةً فَهُوَ مَفْعُولٌ لِأَجْلِهِ، أَيْ وَتَنْبِيهًا لِلْعَابِدِينَ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يَتْرُكُ عِنَايَتَهُ بِهِمْ.
وَبِمَا فِي الْعابِدِينَ مِنَ الْعُمُومِ صَارَتِ الْجُمْلَة تذييلا.
[٨٥، ٨٦]
[سُورَة الْأَنْبِيَاء (٢١) : الْآيَات ٨٥ إِلَى ٨٦]
وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ (٨٥) وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ (٨٦)
عَطْفٌ على وَأَيُّوبَ [الْأَنْبِيَاء: ٨٣] أَيْ وَآتَيْنَا إِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ حُكْمًا وَعِلْمًا.
وَجَمَعَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ فِي سلك وَاحِد لاشتراكهم فِي خَصِيصِيَّةِ الصَّبْرِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ. جَرَى ذَلِكَ لِمُنَاسَبَةِ ذِكْرِ الْمَثَلِ الْأَشْهَرِ فِي الصَّبْرِ وَهُوَ أَيُّوبُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute