عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَطَلٍ، لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ مُؤْمِنًا قَبْل أَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ التَّعَلُّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّعَلُّقَ لَيْسَ بِإِيمَانٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ شِعَارِ الْعَوَذِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمَا أَبْطَلَهُ الْإِسْلَامُ إِذْ
قَالَ النَّبِيءُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْحَرَمَ لَا يُعِيذُ عَاصِيًا»
. وَقَدْ بَيَّنَّا فِي آخِرِ سُورَةِ غَافِرٍ [٨٤] عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَى آخَرِ السُّورَة فَانْظُرْهُ.
[٩٩]
[سُورَة يُونُس (١٠) : آيَة ٩٩]
وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩)
عَطْفٌ عَلَى جُمْلَةِ: إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَات رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ [يُونُس: ٩٧] لِتَسْلِيَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا لَقِيَهُ مِنْ قَوْمِهِ. وَهَذَا تَذْيِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ مُشَابَهَةِ حَالِ قُرَيْشٍ مَعَ النَّبِيءِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَالٍ قَوْمِ نُوحٍ وَقَوْمِ مُوسَى وَقَوْمِ يُونُسَ. وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كَالْمُقَدِّمَةِ الْكُلِّيَّةِ لِلْجُمْلَةِ الَّتِي بَعْدَهَا،
وَهِيَ جُمْلَةُ: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ الْمُفَرَّعَةُ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأُولَى، وَهِيَ الْمَقْصُودُ مِنَ التَّسْلِيَةِ.
وَالنَّاسُ: الْعَرَبُ، أَوْ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْهُمْ، وَذَلِكَ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُمُ الْمَقْصُودُ مَنْ سَوْقِ الْقَصَصِ الْمَاضِيَةِ كَمَا بَيَّنَاهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ [يُونُس: ٧١] .
وَالتَّأْكِيدُ بِ كُلُّهُمْ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى الْعُمُومِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ (مَنِ) الْمَوْصُولَةِ فَإِنَّهَا لِلْعُمُومِ، وَالتَّأْكِيدُ بِ جَمِيعاً لِزِيَادَةِ رَفْعِ احْتِمَالِ الْعُمُومِ الْعُرْفِيِّ دُونَ الْحَقِيقِيِّ.
وَالْمَعْنَى: لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَ مَدَارِكَ النَّاسِ مُتَسَاوِيَةً مُنْسَاقَةً إِلَى الْخَيْرِ، فَكَانُوا سَوَاءً فِي قَبُولِ الْهُدَى وَالنَّظَر الصَّحِيح.
و
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute