فِي «الرَّوْضِ الْأُنُفِ» : النَّصَارَى يَعْرِفُونَ حَدِيثَ أَهْلِ الْكَهْفِ وَيُؤَرِّخُونَ بِهِ. وَأَقُولُ: وَالْيَهُودُ الَّذِينَ لَقَّنُوا قُرَيْشًا السُّؤَالَ عَنْهُمْ يُؤَرِّخُونَ الْأَشْهُرَ بِحِسَابِ الْقَمَرِ وَيُؤَرِّخُونَ السِّنِينَ بِحِسَابِ الدَّوْرَةِ الشَّمْسِيَّةِ، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ أَيَّامِ السَّنَةِ الْقَمَرِيَّةِ وَأَيَّامِ السَّنَةِ الشَّمْسِيَّةِ يَحْصُلُ مِنْهُ سَنَةٌ قَمَرِيَّةٌ كَامِلَةٌ فِي كُلِّ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً شَمْسِيَّةً، فَيَكُونُ التَّفَاوُتُ فِي مِائَةِ سَنَةٍ شَمْسِيَّةٍ بِثَلَاثِ سِنِينَ زَائِدَةٍ قَمَرِيَّةٍ. كَذَا نَقَلَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ عَنِ النِّقَاشِ الْمُفَسِّرِ. وَبِهَذَا تَظْهَرُ نُكْتَةُ التَّعْبِيرِ عَنِ التِّسْعِ السِّنِينِ بِالِازْدِيَادِ. وَهَذَا مِنْ عِلْمِ الْقُرْآنِ
وَإِعْجَازِهِ الْعِلْمِيِّ الَّذِي لَمْ يَكُنْ لِعُمُومِ الْعَرَبِ عِلْمٌ بِهِ.
وَقَرَأَ الْجُمْهُور ثَلاثَ مِائَةٍ بِالتَّنْوِينِ. وَانْتَصَبَ سِنِينَ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنِ اسْمِ الْعَدَدِ عَلَى رَأْيِ مَنْ يَمْنَعُ مَجِيءَ تَمْيِيزِ الْمِائَةِ مَنْصُوبًا، أَوْ هُوَ تَمْيِيزٌ عِنْدَ مَنْ يُجِيزُ ذَلِكَ.
وَقَرَأَهُ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَخَلَفٌ بِإِضَافَةِ مِائَةٍ إِلَى سِنِينَ عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزٌ لِلْمِائَةِ. وَقَدْ جَاءَ تَمْيِيزُ الْمِائَةِ جَمْعًا، وَهُوَ نَادِرٌ لكنه فصيح.
[٢٦]
[سُورَة الْكَهْف (١٨) : آيَة ٢٦]
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦)
إِنْ كَانَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ [الْكَهْف: ٢٥] إِخْبَارًا مِنَ اللَّهِ عَنْ مُدَّةِ لُبْثِهِمْ يَكُونُ قَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا قَطْعًا لِلْمُمَارَاةِ فِي مُدَّةِ لُبْثِهِمُ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ، أَيِ اللَّهُ أَعْلَمُ مِنْكُمْ بِمُدَّةِ لُبْثِهِمْ.
وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ: وَلَبِثُوا حِكَايَةً عَنْ قَوْلِ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي مُدَّةِ لُبْثِهِمْ كَانَ قَوْلُهُ: قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما لَبِثُوا تَفْوِيضًا إِلَى اللَّهِ فِي عِلْمِ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ [الْكَهْف: ٢٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute