تُظْهِرُ ذِكْرَ مُوسَى وَتَنْطِقُ بِاسْمِهِ مِنْ كَثْرَةِ تَرَدُّدِ ذِكْرِهِ فِي نَفْسِهَا.
وَأَمَّا عَلَى الْأَقْوَالِ الرَّاجِعَةِ إِلَى النَّاحِيَةِ الثَّانِيَةِ فَجُمْلَةُ إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ بَيَانٌ لِجُمْلَةِ: وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً، أَيْ كَادَتْ لَتُبْدِي أَمْرَ مُوسَى مِنْ قِلَّةِ ثَبَاتِ فُؤَادِهَا.
وَعَنْ مُجَاهِدٍ: لَمَّا رَأَتِ الْأَمْوَاجَ حَمَلَتِ التَّابُوتَ كَادَتِ أَنْ تَصِيحَ.
وَالْبَاءُ فِي بِهِ إِمَّا لِتَأْكِيدِ لُصُوقِ الْمَفْعُولِ بِفِعْلِهِ وَالْأَصْلُ: لَتُبْدِيهُ، وَإِمَّا لِتَضْمِينِ (تُبْدِي) مَعْنَى (تَبُوحُ) وَهُوَ أَحْسَنُ وإِنْ مُخَفَّفَةٌ مِنَ الثَّقِيلَةِ. وَاللَّامُ فِي لَتُبْدِي فَارِقَةٌ بَيْنَ إِنْ الْمُخَفَّفَةِ وَ (إِنِ) النَّافِيَةِ.
وَالرَّبْطُ عَلَى الْقَلْبِ: تَوْثِيقُهُ عَنْ أَنْ يَضْعُفَ كَمَا يُشَدُّ الْعُضْوُ الْوَهِنُ، أَيْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا بِخَلْقِ الصَّبْرِ فِيهِ. وَجَوَابُ لَوْلا هُوَ جُمْلَةُ إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ.
وَالْمُرَادُ بِالْمُؤْمِنِينَ الْمُصَدِّقُونَ بِوَعْدِ اللَّهِ، أَيْ لَوْلَا أَنْ ذَكَّرْنَاهَا مَا وَعَدْنَاهَا فَاطْمَأَنَّ فُؤَادُهَا. فَالْإِيمَانُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ لِأَنَّهَا كَانَتْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ قَبْلُ، أَوْ أُرِيدَ مِنْ كَامِلَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.
وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ، أَيْ لِتُحْرِزَ رُتْبَةَ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِ اللَّهِ الَّذِينَ لَا يَتَطَرَّقُهُمُ الشَّكُّ فِيمَا يَأْتِيهِمْ
مِنَ الواردات الإلهية.
[١١]
[سُورَة الْقَصَص (٢٨) : آيَة ١١]
وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (١١)
ظَاهِرُ تَرْتِيبِ الْأَخْبَارِ أَنَّهَا عَلَى وَفْقِ تَرْتِيبِ مَضَامِينِهَا فِي الْحُصُولِ، وَهَذَا يُرَجِّحُ أَنْ يَكُونَ حُصُولُ مَضْمُونِ وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً [الْقَصَص: ١٠] سَابِقًا عَلَى حُصُولِ مَضْمُونِ وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ، أَيْ قَالَتْ لِأُخْتِهِ ذَلِكَ بَعْدَ أَنِ اطْمَأَنَّ قَلْبُهَا لِمَا أُلْهِمَتْهُ مِنْ إِلْقَائِهِ فِي الْيَمِّ، أَيْ لَمَّا أَلْقَتْهُ فِي الْيَمِّ قَالَتْ لِأُخْتِهِ: انْظُرِي أَيْنَ يُلْقِيهِ الْيَمُّ وَمَتَى يُسْتَخْرَجُ مِنْهُ، وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ الْيَمَّ لَا يُلْقِيهِ بَعِيدًا عَنْهَا لِأَنَّ ذَلِكَ مُقْتَضَى وَعْدِ اللَّهِ بِرَدِّهِ إِلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute