[سُورَة الْأَنْفَال (٨) : آيَة ٤١]
وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)
انْتِقَالٌ لِبَيَانِ مَا أُجْمِلَ مِنْ حُكْمِ الْأَنْفَالِ، الَّذِي افْتَتَحَتْهُ السُّورَةُ، نَاسَبَ الِانْتِقَالَ إِلَيْهِ مَا جَرَى مِنَ الْأَمْرِ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إِنْ عَادُوا إِلَى قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ. وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ [الْأَنْفَال: ٣٩] .
وافتتاحه ب فَاعْلَمُوا لِلِاهْتِمَامِ بِشَأْنِهِ، وَالتَّنْبِيهِ عَلَى رِعَايَةِ الْعَمَلِ بِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الْأَنْفَال: ٢٤] فَإِنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعِلْمِ تَقَرُّرُ الْجَزْمِ بِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ، وَالْعَمَلُ بِذَلِكَ الْمَعْلُوم، فَيكون فَاعْلَمُوا كِنَايَةً مُرَادًا بِهِ صَرِيحُهُ وَلَازِمُهُ. وَالْخِطَابُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَبِالْخُصُوصِ جَيْشُ بَدْرٍ، وَلَيْسَ هَذَا نَسْخًا لِحُكْمِ الْأَنْفَالِ الْمَذْكُورِ أَوَّلَ السُّورَةِ، بَلْ هُوَ بَيَانٌ لِإِجْمَالِ قَوْلِهِ: لِلَّهِ ... وَلِلرَّسُولِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّهَا نَاسِخَةٌ، وَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ ابْتِدَاءً أَنَّ قِسْمَةَ الْمَغَانِمِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يُرِيدُ أَنَّهَا لِاجْتِهَادِ الرَّسُولِ بِدُونِ تَعْيِينٍ، ثُمَّ شَرَعَ التَّخْمِيسَ. وَذَكَرُوا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُخَمِّسْ مَغَانِمَ بَدْرٍ، ثُمَّ خَمَّسَ مَغَانِمَ أُخْرَى بَعْدَ بَدْرٍ، أَيْ بَعْدَ نُزُولِ آيَةِ سُورَةِ الْأَنْفَالِ،
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَعْطَاهُ شَارِفًا مِنَ الْخُمُسِ يَوْمَ بَدْرٍ
، فَاقْتَضَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ مَغَانِمَ بَدْرٍ خُمِّسَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute