وَأَمَّا عُمُومُ الْعِلْمِ فَهُوَ إِشَارَةٌ إِلَى عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِجَمِيعِ الْكَائِنَاتِ الشَّامِلَةِ لِأَعْمَالِهِمْ لِيَرْقُبُوهُ فِي خَاصَّتِهِمْ.
وَاسْتُعِيرَ فِعْلُ وَسِعَ لِمَعْنَى الْإِحَاطَةِ التَّامَّةِ، لِأَنَّ الْإِنَاءَ الْوَاسِعَ يُحِيطُ بِأَكْثَرِ أَشْيَاءَ مِمَّا هُوَ دُونَهُ.
وَانْتَصَبَ عِلْماً عَلَى أَنَّهُ تَمْيِيزُ نِسْبَةِ السَّعَةِ إِلَى الله تَعَالَى، فيؤول الْمَعْنَى: وَسِعَ عِلْمُهُ كل شَيْء بِحَيْثُ لَا يضيق علمه عَن شَيْءٍ، أَي لَا يقصر عَنِ الِاطِّلَاعِ عَلَى أَخْفَى الْأَشْيَاء، كَمَا أَفَادَهُ لَفْظُ (كُلِّ) الْمُفِيدُ لِلْعُمُومِ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبٌ مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سُورَة الْبَقَرَة [٢٥٥] .
[٩٩- ١٠١]
[سُورَة طه (٢٠) : الْآيَات ٩٩ إِلَى ١٠١]
كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١)
جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ تَذْيِيلِيَّةٌ أَفَادَتِ التَّنْوِيهَ بِقِصَّةِ رِسَالَةِ مُوسَى وَمَا عَقَّبَهَا مِنَ الْأَعْمَال الَّتِي جرت مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ابْتِدَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى إِذْ رَأى نَارا [طه: ٩، ١٠] ، أَيْ مِثْلُ هَذَا الْقِصَصِ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ. وَالْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْقِصَّةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ نَقُصُّ قَصَصَنَا، وَإِنَّمَا صِيغَ الْمُضَارِعُ لِاسْتِحْضَارِ الْحَالَةِ الْحَسَنَةِ فِي ذَلِكَ الْقَصَصِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute