للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الَّذِينَ تَوَلَّوْا نَفْسُ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ ... [آل عمرَان: ١٥٢] الْآيَاتِ. وَضَمِيرُ مِنْكُمْ رَاجِعٌ إِلَى عَامَّةِ جَيْشِ أُحُدٍ فَشَمِلَ الَّذِينَ ثَبَتُوا وَلَمْ يَفِرُّوا. وَعَنِ السُّدِّيِّ أَنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا جَمَاعَةٌ هَرَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ.

وَلِلْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ: اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا احْتِمَالَاتٌ ذَكَرَهَا صَاحِبُ «الْكَشَّافِ» وَالْفَخْرُ، وَهِيَ بِمَعْزِلٍ عَنِ الْقَصْدِ.

وَقَوْلُهُ: وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ أُعِيدَ الْإِخْبَارُ بِالْعَفْوِ تَأْنِيسًا لَهُمْ كَقَوْلِهِ: وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ.

[١٥٦]

[سُورَة آل عمرَان (٣) : آيَة ١٥٦]

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا مَا ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١٥٦)

تَحْذِيرٌ مِنَ الْعَوْدِ إِلَى مُخَالَجَةِ عَقَائِدِ الْمُشْرِكِينَ، وَبَيَانٌ لِسُوءِ عَاقِبَةِ تِلْكَ الْعَقَائِدِ فِي الدُّنْيَا أَيْضًا. وَالْكَلَامُ اسْتِئْنَافٌ. وَالْإِقْبَالُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِالْخِطَابِ تَلَطُّفٌ بِهِمْ جَمِيعًا بَعْدَ تَقْرِيعِ فَرِيقٍ مِنْهُمُ الَّذِينَ تَوَلَّوْا يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ. وَاللَّام فِي قَوْلهم: لِإِخْوانِهِمْ لَيْسَتْ لَامَ تَعْدِيَةِ فِعْلِ الْقَوْلِ بَلْ هِيَ لَامُ الْعِلَّةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا لِأَنَّ الْإِخْوَانَ لَيْسُوا مُتَكَلَّمًا مَعَهُمْ بَلْ هُمُ الَّذِينَ مَاتُوا وَقُتِلُوا، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَانِ الْأَقَارِبُ فِي النَّسَبِ، أَيْ مِنَ الْخَزْرَجِ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّ الشُّهَدَاءَ مِنَ الْمُؤمنِينَ.

و (إِذْ) هُنَا ظَرْفٌ لِلْمَاضِي بِدَلِيلِ فِعْلَيْ (قَالُوا وضربوا) ، وَقَدْ حُذِفَ فِعْلٌ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ:

مَا ماتُوا تَقْدِيرُهُ: فَمَاتُوا فِي سَفَرِهِمْ أَوْ قُتِلُوا فِي الْغَزْوِ.

وَالضَّرْبُ فِي الْأَرْضِ هُوَ السَّفَرُ، فَالضَّرْبُ مُسْتَعْمَلٌ فِي السَّيْرِ لِأَنَّ أَصْلَ الضَّرْبِ