للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنَّ حُلُولَ الْعَذَابِ مِمَّنْ شَأْنُهُ أَنْ يَرْحَمَ إِنَّمَا يَكُونُ لِفَظَاعَةِ جُرْمِهِ إِلَى حَدِّ أَنْ يُحْرِمَهُ مِنْ رَحْمَتِهِ مَنْ شَأْنُهُ سَعَةُ الرَّحْمَةِ.

وَالْوَلِيُّ: الصَّاحِبُ وَالتَّابِعُ وَمَنْ حَالُهُمَا حَالٌ وَاحِدَةٌ وَأَمْرُهُمَا جَمِيعٌ فَكُنِّيَ بِالْوِلَايَةِ عَنِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْمَصِيرِ.

وَالتَّعْبِيرُ بِالْخَوْفِ الدَّالِّ عَلَى الظَّنِّ دُونَ الْقَطْعِ تَأَدُّبٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنْ لَا يُثْبِتَ أَمْرًا فِيمَا هُوَ مِنْ تَصَرُّفِ اللَّهِ، وَإِبْقَاءً لِلرَّجَاءِ فِي نَفْسِ أَبِيهِ لِيَنْظُرَ فِي التَّخَلُّصِ مِنْ ذَلِكَ الْعَذَابِ بِالْإِقْلَاعِ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ.

وَمَعْنَى: فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا فَتَكُونَ فِي اتِّبَاعِ الشَّيْطَانِ فِي الْعَذَابِ. وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى يَا أَبَتِ قَرِيبا.

[٤٦]

[سُورَة مَرْيَم (١٩) : آيَة ٤٦]

قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (٤٦)

فُصِلَتْ جُمْلَةُ: قالَ ... لِوُقُوعِهَا فِي الْمُحَاوَرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [٣٠] .

والاستفهام للإنكار إنكارا لِتَجَافِي إِبْرَاهِيمَ عَنْ عِبَادَةِ أَصْنَامِهِمْ. وَإِضَافَةُ الْآلِهَةِ إِلَى ضَمِيرِ نَفْسِهِ إِضَافَةُ وِلَايَةٍ وَانْتِسَابٍ إِلَى الْمُضَافِ لِقَصْدِ تَشْرِيفِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ.

وَقَدْ جَاءَ فِي جَوَابِهِ دَعْوَةُ ابْنِهِ بِمُنْتَهَى الْجَفَاءِ وَالْعُنْجُهِيَّةِ بِعَكْسِ مَا فِي كَلَامِ إِبْرَاهِيمَ مِنَ اللِّينِ وَالرِّقَّةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَاسِيَ الْقَلْبِ، بَعِيدَ الْفَهْمِ، شَدِيدَ التَّصَلُّبِ فِي الْكُفْرِ.