[سُورَة النَّمْل (٢٧) : الْآيَات ٥٦ إِلَى ٥٨]
فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨)
تَقَدَّمَ نَظِيرُ هَاتِهِ الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ [٨٢] ، وَخَالَفَتْهَا هَذِهِ بِوُقُوعِ الْعَطْفِ بِالْفَاءِ فِي قَوْلِهِ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ دُونَ الْوَاوِ، وَبِقَوْلِهِ أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ عوض أَخْرِجُوهُمْ [الْأَعْرَاف: ٨٢] وَبِقَوْلِهِ قَدَّرْناها عوض كانَتْ [الْأَعْرَاف: ٨٣] ، وَبِقَوْلِهِ فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ عِوَضَ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ [الْأَعْرَاف: ٨٤] .
فَأَمَّا مَوْقِعُ الْفَاءِ هُنَا فَهُوَ لِتَعْقِيبِ الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ بِالْفَاءِ عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا تَعْقِيبَ جُزْءِ
الْقِصَّةِ عَلَى أَوَّلِهِ فَلَا تُفِيدُ إِلَّا تَعْقِيبَ الْإِخْبَارِ، وَهِيَ فِي ذَلِكَ مُسَاوِيَةٌ لِلْوَاوِ. وَلَكِنْ أُوثِرَ حَرْفُ التَّعْقِيبِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِكَوْنِهَا عَلَى نَسْجِ مَا حُكِيَتْ بِهِ قِصَّةُ ثَمُودَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ [النَّمْل: ٤٥] ، فَالِاخْتِلَافُ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَةِ وَآيَةِ الْأَعْرَافِ تَفَنُّنٌ فِي الْحِكَايَةِ، وَمُرَاعَاةٌ لِلنَّظِيرِ فِي النَّسْجِ. وَهَذَا مِنْ أَسَالِيبِ قِصَصِ الْقُرْآنِ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ السَّابِعَة من مُقَدمَات هَذَا التَّفْسِيرِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ دون أَخْرِجُوهُمْ [الْأَعْرَاف: ٨٢] لِأَنَّ الْمَحْكِيَّ مِنْ كَلَامِ الْقَوْمِ هُوَ تَآمُرُهُمْ عَلَى إِخْرَاجِ آلِ لُوطٍ فَمَا هُنَا حِكَايَةٌ بِمُرَادِفِ كَلَامِهِمْ وَمَا فِي الْأَعْرَافِ حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى وَالْغَرَضُ هُوَ التَّفَنُّنُ أَيْضًا.
وَكَذَلِكَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ قَدَّرْناها هُنَا وَبَيْنَ كانَتْ فِي الْأَعْرَافِ [٨٣] . وَأَمَّا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute