وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَوْمَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ إِذَنْ مَا كُنْتُمْ مُنْظَرِينَ بِالْحَيَاةِ وَلَعَجَّلَ لَكُمُ الِاسْتِئْصَالَ إِذْ مَا تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ إِلَّا مَصْحُوبِينَ بِالْعَذَابِ الْحَاقِّ. وَهَذَا الْمَعْنَى وَارِدٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْلا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ [سُورَة العنكبوت: ٥٣] .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ مَا تَنَزَّلُ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى أَنَّ أَصْلَهُ (تَتَنَزَّلُ) .
وَقَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ- بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الزَّايِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ وَرَفْعِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى النِّيَابَةِ-.
وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ، وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ، وَخَلَفٌ مَا نُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ- بِنُونٍ فِي أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَنَصْبِ الْمَلَائِكَةِ على المفعولية-.
[٩]
[سُورَة الْحجر (١٥) : آيَة ٩]
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (٩)
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِإِبْطَالِ جُزْءٍ مِنْ كَلَامِهِمُ الْمُسْتَهْزِئِينَ بِهِ، إِذْ قَالُوا: يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ [سُورَة الْحجر: ٦] ، بَعْدَ أَنْ عَجَّلَ كَشْفَ شُبْهَتِهِمْ فِي قَوْلهم: لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [سُورَة الْحجر: ٧] .
جَاءَ نَشْرُ الْجَوَابَيْنِ عَلَى عَكْسِ لَفِّ الْمَقَالَيْنِ اهْتِمَامًا بِالِابْتِدَاءِ بِرَدِّ الْمَقَالِ الثَّانِي بِمَا فِيهِ مِنَ الشُّبْهَةِ بِالتَّعْجِيزِ وَالْإِفْحَامِ، ثُمَّ ثُنِّيَ الْعَنَانُ إِلَى رَدِّ تَعْرِيضِهِمْ بِالِاسْتِهْزَاءِ وَسُؤَالِ رُؤْيَةِ الْمَلَائِكَةِ.
وَكَانَ هَذَا الْجَوَابُ مِنْ نَوْعِ الْقَوْلِ بِالْمُوجِبِ بِتَقْرِيرِ إِنْزَالِ الذِّكْرِ عَلَى الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُجَارَاةً لِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَالْمَقْصُودُ الرَّدُّ عَلَيْهِمْ فِي اسْتِهْزَائِهِمْ، فَأُكِّدَ الْخَبَرُ بِ إِنَّا وَضَمِيرِ الْفَصْلِ مَعَ مُوَافَقَتِهِ لِمَا فِي الْوَاقِعِ كَقَوْلِهِ: قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ [سُورَة المُنَافِقُونَ: ١] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute